قال ابن إسحاق : بعث معهم ستّة ، أمّر عليهم مرثد بن أبي مرثد الغنوي ، (١) وسمّاهم كما قال موسى.
قال ابن إسحاق : فخرجوا مع القوم ، حتى إذا كانوا على الرّجيع ـ ماء لهذيل بناحية الحجاز على صدور الهدأة (٢) ـ ، غدروا بهم. فاستصرخوا عليهم هذيلا ، فلم يرع القوم وهم في رحالهم إلّا الرجال بأيديهم السيوف ، فأخذوا أسيافهم ليقاتلوهم ، فقالوا لهم : ما نريد قتلكم ولكنّا نريد أن نصيب بكم شيئا من أهل مكة ، ولكم علينا عهد الله وميثاقه أن لا نقتلكم. فأمّا مرثد ، وعاصم ، وابن البكير فقالوا : والله لا نقبل من مشرك عهدا ولا عقدا أبدا. وأرادت هذيل أخذ رأس عاصم ليبيعوه من سلافة بنت سعد ، وكانت قد نذرت حين أصاب ابنيها يوم أحد ، لئن قدرت على عاصم لتشربنّ في قحفه الخمر ، فمنعته الدّبر ، فانتظروا ذهابها عنه ، فأرسل الله الوادي فحمل عاصما فذهب به (٣).
وقد كان عاصم أعطى الله عهدا أن لا يمسّه مشرك ولا يمسّ مشركا أبدا تنجّسا. وأسروا خبيبا ، وابن الدّثنة ، وعبد الله بن طارق ، ثم مضوا بهم إلى مكّة ليبيعوهم. حتى إذا كانوا بالظّهران انتزاع (٤) عبد الله يده من القران (٥) ثم أخذ سيفه واستأخر عن القوم ، فرموه (٦) بالحجارة حتى قتلوه ، فقبره بالظّهران (٧).
__________________
(١) سيرة ابن هشام ٣ / ٢٢٤.
(٢) في ع : الهدء ، وانظر ما تقدّم.
(٣) سيرة ابن هشام ٣ / ٢٢٤ ، ٢٢٥ ، الأغاني ٤ / ٢٢٥ ـ ٢٢٧.
(٤) في ع : أن تزع. والتصحيح من سيرة ابن هشام وتاريخ الطبري (٢ / ٥٣٩) وابن الملّا.
(٥) في ع : القراب. والتصحيح من سيرة ابن هشام وتاريخ الطبري. وعبارة ابن الملّا : الوثاق.
(٦) في ع : فرموا. والتصحيح من سيرة ابن هشام وتاريخ الطبري.
(٧) سيرة ابن هشام ٣ / ٢٢٥ ، تاريخ الطبري ٢ / ٥٣٩.