أشجع. فلما سمع بهم النّبيّ صلىاللهعليهوسلم حفر الخندق على المدينة وعمل فيه بيده ، وأبطأ عن المسلمين في عمله رجال منافقون ، وعمل المسلمون فيه حتى أحكموه (١).
وكان في حفره أحاديث بلغتني ، منها :
بلغني أنّ جابرا كان يحدّث أنّهم اشتدّت عليهم كدية (٢) فشكوها إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فدعا بإناء من ماء فتفل فيه ، ثم دعا بما شاء الله ، ثم نضح الماء على الكدية حتى عادت كثيبا (٣)
وحدّثني سعيد بن ميناء ، عن جابر بن عبد الله قال : عملنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم في الخندق ، فكانت عندي شويهة ، فقلت : والله لو صنعناها لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأمرت امرأتي فطحنت لنا شيئا من شعير ، فصنعت لنا منه خبزا ، وذبحت تلك الشاة فشويناها ، فلما أمسينا وأراد رسول الله صلىاللهعليهوسلم الانصراف ، وكنّا نعمل في الخندق نهارا فإذا أمسينا رجعنا إلى أهالينا ، فقلت : يا رسول الله إنّي قد صنعت كذا وكذا ، وأحبّ أن تنصرف معي ، وإنّما أريد أن ينصرف معي وحده. فلما قلت له ذلك ، قال : نعم. ثم أمر صارخا فصرخ أن انصرفوا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى بيت جابر. فقلت : (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) ، فأقبل وأقبل النّاس معه ، فجلس وأخرجناها إليه ، فبرك وسمّى ، ثم أكل ، وتواردها النّاس ، كلّما فرغ قوم قاموا وجاء ناس ، حتى صدر أهل الخندق عنها (٤).
وحدّثني سعيد بن ميناء أنّه حدّث أنّ ابنة لبشير بن سعد قالت : دعتني
__________________
(١) السيرة ٣ / ٢٥٩ ، الطبري ٢ / ٥٦٦.
(٢) الكدية : صخرة غليظة صلبة فيها الفأس ، على ما في (النهاية لابن الأثير) وغيرها.
(٣) (سيرة ابن هشام ٣ / ٢٦٠.
(٤) السيرة ٣ / ٢٦٠.