أمّي عمرة بنت رواحة فأعطتني حفنة من تمر في ثوبي ، ثم قالت : أي بنيّة اذهبي إلى أبيك وخالك ، عبد الله بغذائهما. فانطلقت بها فمررت برسول الله صلىاللهعليهوسلم وأنا ألتمس أبي وخالي ، فقال : ما هذا معك؟ قلت : تمر بعثت به أمي إلى أبي وخالي ، قال : هاتيه. فصببته في كفّي رسول الله صلىاللهعليهوسلم فما ملأتهما (١) ثم أمر بثوب فبسط ، ثم دحا بالتمر عليه فتبدّد فوق الثوب ، ثم قال لإنسان عنده : اصرخ في أهل الخندق أن هلمّوا إلى الغداء. فاجتمعوا فجعلوا يأكلون منه وجعل يزيد ، حتى صدر أهل الخندق [٤٩ أ] عنه وإنه ليسقط من أطراف الثوب (٢).
وحدّثني من لا أتّهم ، عن أبي هريرة رضياللهعنه ، أنّه كان يقول حين فتحت هذه الأمصار في زمان عمر وعثمان وما بعده : افتحوا ما بدا لكم ، والّذي نفس أبي هريرة بيده ، ما افتتحتم من مدينة ولا تفتحونها إلى يوم القيامة إلّا وقد أعطى الله محمدا مفاتيحها قبل ذلك (٣).
قال : وحدّثت عن سلمان الفارسيّ قال : ضربت في ناحية من الخندق فغلظت عليّ ، ورسول الله صلىاللهعليهوسلم قريب منّي ، فلما رآني أضرب نزل وأخذ المعول فضرب به ضربة فلمعت تحت المعول برقة ، ثم ضرب أخرى فلمعت تحته أخرى ، ثم ضرب الثالثة فلمعت أخرى. قلت : بأبي أنت وأمّي يا رسول الله ما هذا؟ قال : أو قد رأيت؟ قلت : نعم. قال : أمّا الأولى ، فإنّ الله فتح عليّ بها اليمن ، وأمّا الثانية ، فإنّ الله فتح عليّ بها الشام والمغرب ، وأمّا الثالثة فإنّ الله فتح عليّ بها المشرق (٤).
__________________
(١) في الأصل «فملأتها» وما أثبتناه عن سيرة ابن هشام.
(٢) السيرة ٣ / ٢٦٠.
(٣) سيرة ابن هشام ٣ / ٢٦١.
(٤) السيرة ٣ / ٢٦١ ، المغازي لعروة ١٨٥.