وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً) (١) الآيات.
وتكلّم المنافقون حتى قال معتّب بن قشير أحد بني عمرو بن عوف :كان محمد يعدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر وأحدنا اليوم لا يأمن على نفسه أن يذهب إلى الغائط. فأقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأقام عليه المشركون بضعا وعشرين ليلة لم يكن بينهم حرب إلّا الرّمي بالنّبل والحصار (٢).
ثم إنّ النّبيّ صلىاللهعليهوسلم بعث إلى عيينة بن حصن وإلى الحارث بن عوف ، فأعطاهما ثلث ثمار المدينة على أن يرجعا بمن معهما ، فجرى بينه وبينهما الصّلح (٣) ، حتى كتبوا الكتاب ولم تقع الشهادة ولا عزيمة الصّلح ، إلّا المراوضة في ذلك.
فلما أن أراد رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يفعل ، بعث إلى السّعدين فاستشارهما فقالا : يا رسول الله أمرا تحبّه فنصنعه ، أم شيئا أمرك اللهمّ به لا بدّ لنا منه ، أم شيئا تصنعه لنا؟ قال : بل شيء أصنعه لكم ، والله ما أصنع ذلك إلّا لأنّي رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة ، فأردت أن أكسر عنكم من شوكتهم. فقال سعد بن معاذ : يا رسول الله ، قد كنّا نحن وهؤلاء القوم على الشّرك ولا يطعمون أن يأكلوا منّا تمرة إلّا قرى (٤) أو بيعا ، أفحين أكرمنا الله بالإسلام وأعزّنا بك نعطيهم أموالنا؟ ما لنا بهذا من حاجة ، والله لا نعطيهم إلّا السّيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم. قال : فأنت وذاك. فأخذ سعد الصحيفة فمحاها ، ثم قال : ليجهدوا علينا (٥).
__________________
(١) سورة الأحزاب : الآيتان ١٠ ، ١١.
(٢) السيرة ٣ / ٢٦٢.
(٣) في الأصل : صلح. وأثبتناه عبارة ع والسيرة ٣ / ٢٦٢.
(٤) قرى : إطعام الضيف.
(٥) السيرة ٣ / ٢٦٢.