وقال البكّائي ، عن ابن إسحاق (١) : فحبسهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم في دار بنت الحارث النّجّارية ، وخرج إلى سوق المدينة ، فخندق بها خنادق ، ثم بعث إليهم فضرب أعناقهم في تلك الخنادق. وفيهم حييّ بن أخطب ، وكعب بن أسد رأس القوم ، وهم ستمائة أو سبعمائة ، والمكثر يقول : كانوا بين الثمانمائة والتسعمائة. وقد قالوا لكعب وهو يذهب بهم إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أرسالا (٢) : يا كعب ما تراه يصنع بنا؟ قال : أفي كلّ وطن لا تعقلون. أما ترون الدّاعي لا ينزع ، وأنّه من ذهب منكم لا يرجع؟ هو والله القتل. وأتى حييّ بن أخطب وعليه حلّة فقاحية (٣) قد شقّها من كل ناحية قدر أنملة لئلّا يسلبها ، مجموعة يداه إلى عنقه بحبل ، فلما نظر إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : أما والله ما لمست نفسي في عداوتك ، ولكنّه من يخذل الله يخذل. ثم أقبل على النّاس فقال : أيّها النّاس إنّه لا بأس بأمر الله. كتاب وقدر وملحمة كتبت على بني إسرائيل. ثم جلس فضربت عنقه.
وقال ابن إسحاق (٤) ، عن محمد بن جعفر بن الزّبير ، عن عمّه عروة ، عن عائشة قالت : لم يقتل من نسائهم إلّا امرأة واحدة ، قالت : إنّها والله لعندي تحدث معي وتضحك ظهرا وبطنا ، ورسول الله صلىاللهعليهوسلم يقتل رجالهم بالسّيوف ، إذ هتف هاتف : يا بنت فلانة. قالت : أنا والله. قلت : ويلك ، مالك؟ قالت : أقتل. قلت : ولم؟ قالت : حدث أحدثته. فانطلق بها فضربت عنقها.
وقال عكرمة وغيره : صياصيهم : حصونهم.
__________________
(١) سيرة ابن هشام ٣ / ٢٧٠.
(٢) أرسالا : طائفة بعد أخرى.
(٣) حلة فقاحية : أي على لون الورد حين همّ أن يتفتح. قال ابن هشام : ضرب من الوشي ..
(٤) سيرة ابن هشام ٣ / ٢٧٠.