فما ندري كيف انفلت؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أفلت بما علم الله في نفسه. وأقبل ثابت بن قيس بن شماس إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : هب لي الزّبير ، يعني ابن باطا وامرأته. فوهبهما له ، فرجع ثابت إلى الزّبير. فقال : يا أبا عبد الرحمن هل تعرفني ـ وكان الزبير يومئذ كبيرا أعمى ـ قال : هل ينكر الرجل أخاه؟ قال ثابت : أردت أن أجزيك اليوم بيدك. قال : أفعل ، فإنّ الكريم يجزي الكريم ، فأطلقه. فقال : ليس لي قائد ، وقد أخذتم امرأتي وبنيّ. فرجع ثابت إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فسأله ذرّية الزّبير وامرأته ، فوهبهم له ، فرجع إليه فقال : قد ردّ إليك رسول الله صلىاللهعليهوسلم امرأتك وبينك. قال الزّبير : فحائط لي فيه أعذق ليس لي ولأهلي عيش إلّا به. فوهب له رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فقال له ثابت : أسلم قال : ما فعل المجلسان؟ فذكر رجالا من قومه بأسمائهم. فقالت ثابت : قد قتلوا وفرغ منهم ، ولعلّ الله أن يهديك. فقال الزّبير : أسألك بالله وبيدي عندك إلّا ما ألحقتني بهم ، فما في العيش خير بعدهم. فذكر ذلك ثابت لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأمر بالزّبير فقتل.
قال الله تعالى في بني قريظة في سياق أمر الأحزاب : (وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ) يعني الذين ظاهروا قريشا : (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً) (١).
وقال عروة في قوله : (وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها) (٢). هي خيبر.
وقال البكّائي ، عن ابن إسحاق ، حدّثني عاصم بن عمرو بن قتادة ، عن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ ، عن علقمة بن وقّاص اللّيثي قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لسعد : لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة (٣).
__________________
(١) سورة الأحزاب : الآية ٢٦.
(٢) سورة الأحزاب : من الآية ٢٧.
(٣) الأرقعة : جمع رقيع وهي السماء. والخبر في السيرة ابن هشام ٣ / ٢٦٩.