قال موسى بن عقبة : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين سألوه أن يحكّم فيهم رجلا : اختاروا من شئتم من أصحابي؟ فاختاروا سعد بن معاذ ، فرضي بذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فنزلوا على حكمه. فأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بسلاحهم فجعل في قبّته ، وأمر بهم فكتّفوا (١) وأوثقوا وجعلوا في دار أسامة ، وبعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى سعد ، فأقبل على حمار أعرابيّ يزعمون أنّ وطاء برذعته من ليف ، واتّبعه رجل من بني عبد الأشهل ، فجعل يمشي معه ويعظّم حقّ بني قريظة ويذكر حلفهم (٢) والّذي أبلوه يوم بعاث ، ويقول : اختاروك على من سواك رجاء رحمتك وتحنّنك عليهم ، فاستبقهم فإنّهم لك جمال وعدد. فأكثر ذلك الرجل ، وسعد لا يرجع إليه شيئا ، حتى دنوا ، فقال الرجل : ألا ترجع إليّ فيما أكلّمك فيه؟ فقال سعد : قد آن لي أن لا تأخذني في الله لومة لائم. ففارقه الرجل ، فأتاني قومه فقالوا : ما وراءك؟ فأخبرهم أنّه غير مستقيم ، وأن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قتل مقاتلتهم ، وكانوا فيما زعموا ستمائة مقاتل قتلوا عند دار أبي جهم بالبلاط ، فزعموا أنّ دماءهم بلغت أحجار الزّيت التي كانت بالسّوق ، وسبى نساءهم وذراريهم ، وقسّم أموالهم بين من حضر من المسلمين. وكانت خيل المسلمين ستّا وثلاثين فرسا. وأخرج حييّ بن أخطب فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : هل أخزاك الله؟ قال له : ظهرت عليّ وما ألوم إلّا نفسي في جهادك والشّدّة عليك. فأمر به فضربت عنقه. كلّ ذلك بعين سعد (٣).
وكان عمرو بن سعد اليهوديّ في الأسرى ، فلما قدّموه ليقتلوه ففقدوه فقيل : أين عمرو؟ قالوا : والله ما نراه ، وإنّ هذه لرمّته (٤) التي كان فيها ،
__________________
(١) في ع : فتكفوا.
(٢) في المغازي لعروة ١٨٨ «خلقهم».
(٣) المغازي لعروة ١٨٨ ومجمع الزوائد للهيثمي ٦ / ١٣٨ ، ١٣٩ نقلا عن المعجم الكبير للطبراني.
(٤) الرمّة : قطعة من حبل.