لقوم عامر : «هل لكم أن تأخذوا منّا الآن (١) خمسين بعيرا ، وخمسين إذا رجعنا إلى المدينة»؟ فقال عيينة بن بدر : والله لا أدعه حتى أذيق نساءه من الحرّ مثل ما أذاق نسائي. فقال رجل من بني ليث يقال له : مكيتل (٢) ، وهو قصير (٣) من الرجال ، فقال : (يا) (٤) رسول الله ، ما أجد لهذا القتيل مثلا في غرّة الإسلام إلّا كغنم وردت فرميت أولاها فنفرت (٥) أخراها ، أسنن اليوم وغيّر غدا (٦) ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : هل لكم أن تأخذوا خمسين بعيرا الآن وخمسين إذا رجعنا؟ فلم يزل بهم حتى رضوا بالدّية. قال قوم محلّم : ائتوا به حتى يستغفر له رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال : فجاء رجل طوال ضرب اللّحم (٧) في حلّة قد تهيّأ فيها للقتل ، فقام بين يدي النّبيّ صلىاللهعليهوسلم. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اللهمّ لا تغفر لمحلّم». قالها ثلاثا. فقام وإنّه ليتلقّى دموعه بطرف ثوبه (٨).
قال ابن إسحاق : زعم قومه أنه استغفر له بعد.
وقال أبو داود في سننه (٩) : [٧٧ ب] ثنا موسى بن إسماعيل ، نا
__________________
(١) في الأصل : الأمان. والتصحيح من ع ، وسيرد في الأصل صحيحا بعد سطور. وفي السيرة ابن هشام ٤ / ٢٤١ «بل تأخذون الدية خمسين في سفرنا هذا».
(٢) في الأصل : مكيتيل. وفي ع : ابن مكيتيل. والتصحيح من ترجمته في أسد الغابة (٥ / ٢٥٩) والإصابة (٣ / ٤٥٧) وسيرة ابن هشام ، وقيل : مكيثر (٤ / ٢٤١).
(٣) وفي طبعة القدسي ٤٢٢ «قصد» والتصحيح من السيرة والبداية والنهاية ٤ / ٢٢٥.
(٤) سقطت من الأصل ، وزدناها من ع وسيرة ابن هشام ٤ / ٢٤١.
(٥) في الأصل ففرت. وأثبتنا لفظ ع والسيرة وفي سنن أبي داود ٤ / ١٧١ «فنفر».
(٦) اسنن اليوم وغيّر غدا : أي اعمل اليوم بسنّتك التي سننتها في القصاص ثم بعد ذلك إذا شئت أن تغيّر فغيّر.
(٧) ضرب اللّحم : أي خفيف اللّحم ليس برهل.
(٨) سيرة ابن هشام ٤ / ٢٤٠ ، ٢٤١ ، سنن أبي داود ٤ / ١٧١ ، ١٧٢ البداية والنهاية ٤ / ٢٢٤ ، ٢٢٥.
(٩) سنن أبي داود ٤ / ١٧١ رقم ٤٥٠٣ كتاب الديات ، باب الإمام يأمر بالعفو في الدم.