المشركين كان خيرا له ولقدّمناه على غيره. فاستدرك يا أخي ما قد فاتك. فلما جاءني كتابه ، نشطت للخروج ، وزادني رغبة في الإسلام. وأرى في النّوم كأنّي في بلاد ضيّقة جدبة ، فخرجت إلى بلاد خضراء واسعة قلت : إنّ هذه لرؤيا.
فلما قدمنا المدينة قلت : لأذكرنّها لأبي بكر ، فذكرتها ، فقال : هو مخرجك الّذي هداك الله للإسلام ، والضّيق هو الشّرك. قال : فلما أجمعت الخروج إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، والضّيق هو الشّرك. قال : فلما أجمعت الخروج إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قلت : من أصحاب إلى محمد؟ فلقيت صفوان ابن أميّة ، فقلت يا أبا وهب. أما ترى إلى ما نحن فيه ، إنّما كنّا كأضراس (١) ، وقد ظهر محمد على العرب والعجم ، فلو قدمنا على محمد فاتّبعناه فإنّ شرفه لنا شرف. فأبى أشدّ الإباء وقال : لو لم يبق غيري ما اتّبعته أبدا. فافترقنا وقلت : هذا رجل قتل أخوه ببدر. فلقيت عكرمة بن أبي جهل فقلت له مثل ما قلت لصفوان ، فقال لي مثل ما قال صفوان. قلت : فأكتم ذكر ما قلت لك. وخرجت إلى منزلي ، فأمرت براحلتي أن تخرج إليّ ، [فخرجت بها إلى] (٢) أن ألقى عثمان بن طلحة. فقلت : إنّ هذا لي صديق ، فذكرت له ، فقال : نعم ، إنّي عمدت اليوم ، وإنّي أريد أن أغدو ، وهذه راحلتي بفخّ (٣) مناخة ، قال : فاتّعدت أنا وهو بيأجج ، وأدلجنا سحرا ، فلم يطلع الفجر حتى التقينا بيأجج ، فغدونا حتى انتهينا إلى الهدّة (٤). فنجد عمرو بن العاص بها ، فقال : مرحبا بالقوم. فقلنا : وبك.
__________________
(١) في الواقدي (٢ / ٧٤٧) : «إنّما نحن أكلة رأس» أي هم قلّة يشبعهم رأس واحد. ورواية ابن كثير عن الواقدي كما في الأصل.
(٢) زيادة من الواقدي يقتضيها السياق.
(٣) فخّ : هو بفتح أوله وتشديد ثانيه واد بمكة ، هو فيما قيل وادي الزاهر.
(٤) الهدّة : بالفتح ثم التشديد موضع بين مكة والطّائف. وقد خفف بعضهم دالة. (معجم البلدان ٥ / ٣٩٥).