الحارث بن هشام ، سمعت أبي يحدّث عن خالد بن الوليد ، قال : لما أراد الله بي ما أراد من الخير قذف في قلبي الإسلام ، وحضرني رشدي ، وقلت : قد شهدت هذه المواطن كلّها على محمد فليس موطن أشهده إلّا أنصرف وأنا أرى في نفسي أنّي موضع في غير شيء ، وأنّ محمدا سيظهر. فلما خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى الحديبيّة ، خرجت في خيل المشركين ، فلقيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم في أصحابه بعسفان ، فأقمت بإزائه وتعرّضت له ، فصلّى بأصحابه الظّهر أمامنا ، فهممنا أن نغير عليه. ثم لم يعزم لنا ، وكانت فيه خيرة ، فاطّلع على ما في أنفسنا من الهموم ، فصلّى بأصحابه صلاة العصر صلاة الخوف. فوقع ذلك منّا موقعا ، وقلت : الرجل ممنوع. فافترقنا ، وعدل عن سنن خيلنا ، وأخذت ذات اليمين.
فلما صالح قريشا قلت : أيّ شيء بقي؟ أين المذهب؟ إلى النّجاشيّ؟ فقد اتّبع محمدا وأصحابه عنده آمنون. فأخرج إلى هرقل؟ فأخرج من ديني إلى النّصرانية واليهوديّة [٨١ أ] فأقيم مع عجم تابعا مع عنت ذلك (١)؟ أو أقيم في داري فيمن بقي؟ فأنا على ذلك ، إذ دخل رسول الله صلىاللهعليهوسلم في عمرة القضيّة ، فتغيّبت.
وكان أخي الوليد (بن الوليد) (٢) قد دخل مع النّبيّ صلىاللهعليهوسلم في عمرة القضيّة. فطلبني فلم يجدني ، فكتب إليّ كتابا فإذا فيه : أما بعد ، فإنّي لم أر أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام. وعقلك عقلك ، ومثل الإسلام يجهله أحد؟ قد سألني رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : أين خالد؟ فقلت : يأتي الله به. فقال : ما مثله جهل الإسلام ، ولو كان جعل نكايته وجدّه مع المسلمين على
__________________
(١) في الأصل : فأقيم مع عجم تابع من عنت ذلك. ولعلّه تحريف عمّا أثبتناه ورواية الواقدي :
فأقيم مع عجم تابعا.
(٢) زيادة من ع.