بين يديه ، فما استطعت أن أرفع طرفي إليه حياء منه ، فبايعته على أن يغفر لي ما تقدّم من ذنبي ، ولم يحضرني ما تأخّر. فقال : «إنّ الإسلام يجبّ ما كان قبله ، والهجرة تجبّ ما كان قبلها». فو الله ما عدل بي رسول الله صلىاللهعليهوسلم وبخالد أحدا في أمر حزبه منذ أسلمنا. ولقد كنّا عند أبي بكر بتلك المنزلة. ولقد كنت عند عمر بتلك الحال ، وكان عمر على خالد كالعاتب.
قال عبد الحميد بن جعفر : فذكرت هذا الحديث ليزيد بن أبي حبيب ، فقال : أخبرني راشد مولى حبيب بن أوس الثّقفي ، عن حبيب ، عن عمرو ، نحو ذلك. فقلت ليزيد : ألم يتوقّت لك متى قدم عمرو وخالد؟ قال : لا ، إلّا أنّه قال قبل الفتح. قلت : فإنّ أبي أخبرني أنّ عمرا وخالدا وعثمان قدموا المدينة لهلال صفر سنة ثمان (١).
وقال يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق حدّثني يزيد بن أبي حبيب ، عن راشد مولى حبيب بن أبي أوس ، (عن حبيب بن أبي أوس) (٢) ، حدّثني عمرو بن العاص ، قال : لما انصرفنا من الخندق ، جمعت رجالا من قريش ، فقلت : والله إنّي لأرى أمر محمد يعلو علوا منكرا ، والله ما يقوم له شيء ، وقد رأيت رأيا ما أدري كيف رأيكم فيه؟ قالوا : وما هو؟ قلت : أن نلحق بالنّجاشيّ. فذكر الحديث ، لكن فيه : فضرب بيده أنف نفسه حتى ظننت أنّه قد كسره. والباقي بمعناه مختصر (٣).
وقال الواقدي (٤) : حدّثني يحيى بن المغيرة بن عبد الرحمن بن
__________________
(١) المغازي للواقدي ٢ / ٧٤٢ ـ ٧٤٤ ، البداية والنهاية ٤ / ٢٣٦ ـ ٢٣٨.
(٢) سقطت من الأصل ، وهي زيادة واجبة في السند ، استدركناها من ابن هشام (٢ / ٢٧٦) والطبري ٣ / ٢٩ وغيره وترد في اسمه الروايتان : حبيب بن أوس ، وحبيب بن أبي أوس (انظر تهذيب التهذيب ٢ / ١٧٧).
(٣) سيرة ابن هشام ٣ / ٢٩٦ ، تاريخ الطبري ٣ / ٢٩ ـ ٣١ ، عيون الأثر ٢ / ٨١ ـ ٨٣.
(٤) المغازي ٢ / ٧٤٥.