وعن الربيع بن أنس ، أنّ رجلا قال : لن نغلب من قلّة. فشقّ ذلك على النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، ونزلت (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ) (١).
وقال معاوية بن سلّام ، عن زيد بن سلّام ، سمع أبا سلّام (٢) يقول : حدّثني السّلوليّ ، أنه حدّثه سهل بن الحنظليّة ، أنّهم ساروا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم حنين ، فأطنبوا السير حتى كان عشيّة ، فحضرت صلاة الظهر عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فجاء فارس فقال : يا رسول الله إنّي انطلقت بين أيديكم حتى طلعت جبل كذا وكذا ، فإذ أنا بهوازن على بكرة أبيهم ، بظعنهم ونعمهم وشائهم ، اجتمعوا إلى حنين. فتبسّم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقال : «تلك غنيمة المسلمين غدا إن شاء الله» ثم قال : من يحرسنا الليلة؟ قال أنس بن أبي مرثد الغنويّ : أنا يا رسول الله. قال : فاركب. فركب فرسا له ، وجاء إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال له : «استقبل هذا الشّعب حتى تكون في أعلاه ، ولا تغرّنّ (٣) من قبلك الليلة».
فلما أصبحنا خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى مصلّاه فركع ركعتين ، ثم قال :
أحسستم فارسكم؟ قالوا : يا رسول الله ، لا. فثوّب بالصلاة [١٠٢ ب] فجعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم يصلّي ويلتفت إلى الشّعب ، حتى إذا قضى صلاته وسلّم قال : «أبشروا ، فقد جاء فارسكم». فجعلنا ننظر إلى خلال الشجر في الشّعب ، فإذا هو قد جاء ، حتى وقف على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : إني كنت انطلقت حتى كنت في أعلى هذا الشعب حيث أمرني رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلما أصبحت اطّلعت الشّعبين ، فنظرت فلم أر أحدا. فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم. هل نزلت الليلة؟ قال : لا ، إلّا مصلّيا أو قاضي حاجة. فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «قد
__________________
(١) سورة التوبة ـ الآية ٢٥.
(٢) في الأصل «سمع سلام أبا سلام» ، والتصحيح من ع ، ح ، وسنن أبي داود.
(٣) لا تغرّنّ : لا تؤخذ على غرّة.