وقال الواقديّ (١) عن شيوخه ، أنّ سلمان [الفارسيّ] (٢) قال لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : أرى أن تنصب المنجنيق على حصنهم ـ يعني الطائف ـ فإنّا كنا بأرض فارس ننصبه على الحصون ، فإن لم يكن منجنيق طال الثّواء. فأمره رسول الله صلىاللهعليهوسلم فعمل منجنيقا بيده ، فنصبه على حصن الطائف. ويقال : قدم بالمنجنيق يزيد بن زمعة ، ودبّابتين. ويقال : الطّفيل بن عمرو قدم بذلك. قال : فأرسلت (٣) عليهم ثقيف سكك الحديد محماة بالنّار ، فحرقت الدبّابة. فأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بقطع أعنابهم وتحريقها. فنادى سفيان بن عبد الله الثّقفيّ : لم تقطع أموالنا؟ فإنّما هي لنا أو لكم. فتركها.
وقال أبو الأسود ، عن عروة ، من طريق ابن لهيعة : أقبل عيينة بن [حصن] (٤) حتى جاء إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال : ايذن لي أن أكلّمهم ، لعلّ الله أن يهديهم. فأذن له. فانطلق حتى دخل الحصن ، فقال : بأبي أنتم ، تمسّكوا بمكانكم ، والله لنحن أذلّ من العبيد ، وأقسم بالله لئن حدث به حدث ليملكنّ العرب عزّا ومنعة ، فتمسّكوا بحصنكم. ثم خرج فقال له النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «ما ذا [قلت]؟» (٥) قال : دعوتهم إلى الإسلام ، وحذّرتهم النّار وفعلت. فقال : «كذبت ، بل قلت كذا وكذا». قال : صدقت يا رسول الله ، أتوب إلي الله وإليك (٦).
* * *
أخبرنا محمد بن عبد العزيز المقرئ ، سنة اثنتين وتسعين وستمائة ، ومحمد بن أبي الحزم (٧) ، وحسن بن علي ، ومحمد بن أبي الفتح الشيبانيّ ،
__________________
(١) في المغازي : (٣ / ٩٢٧).
(٢) زيادة للتوضيح عن الواقدي.
(٣) في الأصل : «فأرسل». والمثبت من ح والواقدي.
(٤) في الأصل «عيينة بن بدر» ، والتصحيح من المغازي لعروة وغيره ، مثل طبقات ابن سعد ، وتاريخ الطبري.
(٥) سقطت من الأصل (ح). واستدركناها من النسخة (ع).
(٦) المغازي لعروة ٢١٧.
(٧) في ح : «ابن أبي الحرم». وفي ع : «ابن أبي حرم».