المزنيّ ، عن أبيه ، عن جدّه قال : خرج كعب وبجير ابنا زهير حتى أتيا أبرق العزّاف (١) فقال بجير لكعب : اثبت هنا حتى آتي هذا الرجل فأسمع ما يقول. قال : فجاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم فعرض عليه الإسلام فأسلم ، فبلغ ذلك كعبا فقال :
ألا أبلغا عنّي بجيرا رسالة |
|
فهل لك فيما قلت ويحك هل لكا |
سقاك بها المأمون كأسا رويّة |
|
وأنهلك المأمون منها وعلّكا |
ويروى * سقاك أبو بكر بكأس روية *
ففارقت أسباب الهدى وتبعته |
|
على أيّ شيء ويب (٢) غيرك دلّكا |
على مذهب لم تلف أمّا ولا أبا |
|
عليه ، ولم تعرف عليه أخا لكا (٣) |
فاتّصل الشعر بالنّبيّ صلىاللهعليهوسلم فأهدر دمه. فكتب بجير إليه بذلك ، ويقول له : النّجاء ، وما أراك تفلت (٤). ثم كتب إليه : اعلم أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا يأتيه أحد يشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمدا رسول الله إلّا قبل ذلك منه ، وأسقط ما كان قبل ذلك. فأسلم كعب ، وقال القصيدة التي يمدح فيها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ثم أقبل حتى أناخ راحلته بباب مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ثم دخل [١١١ ب] المسجد ورسول الله صلىاللهعليهوسلم مع أصحابه مكان المائدة من القوم ، والقوم متحلّقون معه حلقة دون حلقة ، يلتفت إلى هؤلاء مرّة فيحدّثهم ، وإلى هؤلاء مرّة فيحدّثهم.
قال كعب : فأنخت راحلتي ، ودخلت ، فعرفت رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالصّفة ،
__________________
(١) في الأصل ، ح «أبرق العراق» ، والتصحيح من (ع). وأبرق العزّاف : ماء لبني أسد بن خزيمة بن مدركة ، وهو في طريق القاصد إلى المدينة من البصرة يجاء من حومانة الدراج إليه ، ومنه إلى بطن نخل ثم الطرف ثم المدينة. وإنما سمّي العزّاف لأنهم يسمعون فيه عزيف الجنّ. (معجم البلدان ١ / ٦٨) ، والأبرق والبرقاء : جمعها أبراق : حجارة ورمل مختلطة. (معجم البلدان ١ / ٦٥).
(٢) ويب : مثل ويح ووي.
(٣) راجع الديوان ـ ص ٣ ، والأغاني ١٧ / ٨٦ ، والشعر والشعراء ١ / ٨٠.
(٤) في الأصل ، ح : «تنفلت». وفي ع : «فقلب». وفي الأغاني ١٧ / ٨٧ «بمفلت».