فتخطّيت حتّى جلست إليه فقلت : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّك رسول الله. الأمان يا رسول الله. قال ، «ومن أنت؟» قلت : أنا كعب بن زهير. قال : «الّذي يقول» ثم التفت إلى أبي بكر فقال : «كيف [قال] (١) يا أبا بكر؟» فأنشده :
سقاك أبو بكر بكأس رويّة |
|
وأنهلك المأمور (٢) منها وعلّكا |
قلت : يا رسول الله ، ما قلت هكذا. قال : «فكيف قلت؟» قلت ، إنّما قلت :
وأنهلك المأمون منها وعلّكا
فقال : «مأمون ، والله».
[قال] (٣) : ثم أنشده (٤) :
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول |
|
متيّم إثرها لم يلف مكبول |
وما سعاد غداة البين إذ رحلوا |
|
إلّا أغنّ غضيض الطّرف مكحول |
تجلو عوارض ذي ظلم إذا ابتسمت |
|
كأنّه منهل بالرّاح معلول |
شجّت بذي شبم من ماء محنية |
|
صاد بأبطح أضحى وهو مشمول (٥) |
تنفي الرياح القذى عنه وأفرطه |
|
من صوب سارية بيض يعاليل (٦) |
أكرم بها خلّة لو أنّها صدقت |
|
موعودها ، أو لو أنّ النّصح مقبول |
لكنها خلّة قد سيط من دمها |
|
فجع وولع وإخلاف وتبديل (٧) |
__________________
(١) سقطت من الأصل ، ح ، وأثبتناها من ع.
(٢) في الأصل ، ع والأغاني : «المأمون». والمثبت من (ح) وهو الوجه.
(٣) سقطت من الأصل ، وأثبتناها من ع ، ح.
(٤) شرح ديوانه : ٦ ـ ٢٥ ، وانظر أيضا : شرح قصيدة كعب بن زهير للخطيب التبريزي (تحقيق سالم الكرنكوي) ، وسيرة ابن هشام ٤ / ١٥٩ ، ١٦٠.
(٥) شجت : مزجت ، يعني الراح. وذي شبم : الماء البارد. والمحنية : ما انعطف من الوادي. ومشمول : أصابته ريح الشمال.
(٦) أفرطه : أي ملأه. سارية : سحابة تسري. بيض يعاليل : أي سحائب بيض رواء.
(٧) سيط : خلط.