وقتل عتبة وشيبة ابنا ربيعة ، وهما ابنا أربعين ومائة سنة. وكان شيبة أكبر بثلاث سنوات.
قال ابن إسحاق : وكان أوّل من قدم مكّة بمصاب قريش : الحيسمان بن عبد الله الخزاعي. فقالوا : ما وراءك؟ قال : قتل عقبة ، وشيبة ، وأبو جهل ، وأميّة ، وزمعة بن الأسود ، ونبيه ، ومنبّه ، وأبو البختريّ ابن هشام. فلما جعل يعدّد أشراف قريش قال صفوان بن أميّة وهو قاعد في الحجر : والله إن يعقل هذا فاسألوه عنّي : فقالوا : ما فعل صفوان؟ قال : ها هو ذاك جالس ، قد والله رأيت أباه وأخاه حين قتلا (١).
وعن أبي رافع مولى النّبي صلىاللهعليهوسلم قال : كنت غلاما للعبّاس وكان الإسلام قد دخلنا أهل البيت ، فأسلم العبّاس وأسلمت. وكان العبّاس يهاب قومه ويكره الخلاف ويكتم إسلامه ، وكان ذا مال كثير متفرّق في قومه. وكان أبو لهب قد تخلّف عن بدر ، فلما جاءه الخبر بمصاب قريش كبته الله وأخزاه ، ووجدنا في أنفسنا قوّة وعزّا ، وكنت رجلا ضعيفا ، وكنت أنحت الأقداح (٢) في حجرة زمزم. فإنّي لجالس أنحت أقداحي ، وعندي أمّ الفضل ، وقد سرّنا الخبر ، إذ أقبل أبو لهب يجرّ رجليه (٣) بشرّ ، حتى جلس على طنب (٤) الحجرة ، فكان ظهره إلى ظهري. فبينا هو جالس إذ قال الناس : هذا أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطّلب قد قدم. فقال أبو لهب : إليّ ، فعندك الخبر. قال : فجلس إليه ، والناس قيام عليه ، فقال : يا بن أخي ، أخبرني كيف كان أمر النّاس؟ قال : والله ما هو إلّا أن لقينا القوم فمنحناهم أكتافنا يقتلوننا
__________________
(١) السيرة لابن هشام ٣ / ٥٤ وانظر المغازي لعروة ص ١٤٣.
(٢) في ع : (سهام الأقداح) وفي ح : (السهام أو الأقداح). وفي السيرة ٣ / ٥٥ «أعمل الأقداح».
(٣) في ع : (رجل).
(٤) الطنب : حبل الخباء والسرادق ، ويقال : الوتد. (تاج العروس ٣ / ٢٧٨).