[١٢٣ أ] سقط يركض. فارتجّ أهل الطائف بصيحة واحدة ، وقالوا : أبعد الله المغيرة ، قد قتلته الرّبّة. وفرحوا ، وقالوا : من شاء منكم فليقترب وليجتهد على هدمها ، فو الله لا يستطاع أبدا. فوثب المغيرة بن شعبة فقال : قبّحكم الله ، إنما هي لكاع حجارة ومدر ، فاقبلوا عافية الله واعبدوه. ثم ضرب الباب فكسره ، ثم علا على سورها ، وعلا الرجال معه ، فهدموها. وجعل صاحب المفتح (١) يقول : ليغضبنّ الأساس ، فليخسفنّ بهم. فقال المغيرة لخالد : دعني أحفر أساسها. فحفره حتى أخرجوا ترابها ، وانتزعوا حليتها ، وأخذوا ثيابها. فبهتت ثقيف ، فقالت عجوز منهم : أسلمها الرّضّاع وتركوا المصاع (٢).
وأقبل الوفد حتى أتوا النبيّ صلىاللهعليهوسلم بحليتها وكسوتها ، فقسمه.
وقال ابن إسحاق : أقامت ثقيف ، بعد قتل عروة بن مسعود ، أشهرا.
ثم ذكر قدومهم على النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وإسلامهم. وذكر أنّ النّبيّ صلىاللهعليهوسلم بعث أبا سفيان بن حرب والمغيرة يهدمان الطّاغية (٣).
وقال سعيد بن السّائب ، عن محمد بن عبد الله بن عياض ، عن عثمان ابن أبي العاص ، أنّ النّبيّ صلىاللهعليهوسلم أمره أن يجعل مسجد الطائف حيث كانت طاغيتهم.
رواه أبو همّام محمد بن محبّب الدلّال ، عن سعيد (٤).
* * *
__________________
(١) المفتح : الخزانة أو المخزن حيث يوجد كنز الربة وحليتها وثيابها. ويجوز أن يكون المفتح (بالكسر) أي المفتاح.
(٢) الرضاع : كالرضّع ، جمع راضع ، وهو اللئيم الّذي رضع اللؤم من ثدي أمه ، يريد أنه ولد في اللؤم. والمصاع : الجلاد والضراب بالسيوف. وفي هامش ح. : الرضاع الذين يرضعون إبلهم لئلا يسمع الفقراء صوت حلبهم ، وقيل يرضعون الناس أي يسألونهم. والمصاع الجلاد والضراب أي تركوا القتال.
(٣) سيرة ابن هشام ٤ / ١٨٥ ، تاريخ الطبري ٩٩ ـ ١٠٠.
(٤) رواه الطبراني في المعجم الكبير ٩ / ٣٩ رقم (٨٣٥٥) ، والحاكم في المستدرك ٣ / ٦١٨.