فقالوا : ما نراه إلّا ينطلق لبعض حاجته ، حتى قام على شفة الرّكيّ (١) فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم : يا فلان بن فلان ، ويا فلان بن فلان ، أيسرّكم (٢) أنّكم أطعتم الله ورسوله ، فإنّا قد وجدنا ما وعدنا ربّنا حقّا ، فهل وجدتم ما وعد ربّكم حقّا؟ فقال عمر : يا رسول الله ، ما تكلّم من أجساد لا أرواح لها؟ فقال : والّذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم.
قال قتادة : أحياهم الله حتى أسمعهم قوله توبيخا وتصغيرا ونقمة وحسرة وندامة. صحيح (٣).
وقال هشام ، عن أبيه ، عن ابن عمر أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقف على قليب بدر فقال : إنّهم ليسمعون ما أقول. قال عروة : فبلغ عائشة فقالت : ليس هكذا قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، إنّما قال : إنّهم ليعلمون أنّ ما كنت أقول لهم حقّ. إنّهم قد تبوّءوا مقاعدهم من جهنّم. إنّ الله يقول (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى) (٤) (وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ) (٥) أخرجه البخاري (٦).
ما روت عائشة لا ينافي ما روى ابن عمر وغيره ، فإنّ علمهم لا يمنع من سماعهم قوله عليه [الصّلاة و] (٧) السلام ، وأمّا أن (٨) لا تسمع الموتى ،
__________________
(١) الركي ، والرّكية : البئر.
(٢) في ح : (أبشركم). تصحيف. وفي البداية والنهاية «يسركم» بحذف الهمزة.
(٣) في صحيح البخاري ندما : كتاب المغازي ، باب قتل أبي جهل (٥ / ٩٧) ، البداية والنهاية ٣ / ٢٩٣ وقد أخرجه بقية الجماعة إلا ابن ماجة من طرق عن سعيد بن أبي عروبة.
(٤) سورة النمل : من الآية ٨٠.
(٥) سورة فاطر : الآيتان ٢٢ ، ٢٣.
(٦) صحيح البخاري : كتاب المغازي ، باب قتل أبي جهل (٥ / ٩٨).
(٧) زيادة من ع.
(٨) في ح : (إنك).