وذكر محمد بن يزيد المبرّد النحوي أنّ الوليد ألحد في شعر له ذكر فيه النبيصلىاللهعليهوآله ، وأنّ الوحي لم يأته من ربّه. كذب أخزاه الله من ذلك الشعر :
تلعّب بالخلافة هاشمي |
|
بلا وحي أتاه ولا كتاب |
فقل لله يمنعني طعامي |
|
وقل لله يمنعني شرابي |
فلم يمهل بعد قوله هذا إلّا أياما حتى قتل (١).
والإنسان الحرّ الفارغ عن كل رأي مسبق ، لو أمعن النظر في هذه الأحاديث وأمعن في تاريخ الأئمة الاثني عشر من ولد الرسول ، يقف على أنّ هذه الأحاديث لا تروم غيرهم ، فإنّ بعضها يدلّ على أنّ الإسلام لا ينقرض ولا ينقضي حتى يمضي في المسلمين اثنا عشر خليفة ، كلّهم من قريش ، وبعضها يدلّ على أنّ عزّة الإسلام إنّما تكون إلى اثني عشر خليفة ، وبعضها يدلّ على أنّ الدين قائم إلى قيام الساعة ، وإلى ظهور اثني عشر خليفة ، وغير ذلك من العناوين.
وهذه الخصوصيات لا توجد في الأمّة الإسلامية إلّا في الأئمة الاثني عشر المعروفين عند الفريقين ، خصوصا ما يدلّ على أن وجود الأئمة مستمر إلى آخر الدهر ، ومن المعلوم أنّ آخر الأئمة هو المهدي المنتظر ، الذي يعدّ ظهوره من أشراط الساعة.
ولو أضفنا إلى هذا ، الروايات الكثيرة الواردة في الأئمة الاثني عشر ، يقطع الإنسان بأنّه ليس المراد إلّا هؤلاء الذين اعترف بفضلهم ، وورعهم ، وتقاهم ، وعلمهم ، ووعيهم ، وحلمهم ، وصبرهم ، ودرايتهم ، وكفايتهم ، الداني والقاصي ، والصديق والعدو ، ألا وهم :
علي بن أبي طالب ، فالحسن بن علي ، فالحسين بن علي ، فعلي بن الحسين ، فمحمد بن علي ، فجعفر بن محمد ، فموسى بن جعفر ، فعلي بن موسى ، فمحمد بن علي ، فعلي بن محمد ، فالحسن بن علي ، فمحمد بن الحسن
__________________
(١) مروج الذهب ، ج ٣ ، ص ٢١٦.