ولما ذا نردّ حديثنا لمجرد أن قيل في بعض رواته أنّه لين ، أو ضعيف ، أو منقطع ، أو مرسل ، أو ...؟.
نعم ، هذه علل ، تثير الشك والتساؤل ، وتدفع إلى زيادة البحث والتعمّق ، ولكن ـ كما أعتقد ـ إنّ بعض علل الحديث لا تلزم بالرد لهذا الحديث ، فكثيرا ما نجد في بعض الطرق ضعفا ، وفي بعضها قوّة ، فهو صحيح من طريق ، حسن أو ضعيف من أخرى ، ومعنى هذا أنّ الراوي الذي حكم عليه مثلا بأنّه ينسى ، تبيّن أنّه في هذه الواقعة لم ينس ، فجاءت روايته مؤيّدة بما جاء عن غيره.
وأحاديث المهدي ـ في نظري ـ من هذا النوع ، ولو بعضها. رغم أنّ بعض المسلمين ـ كابن خلدون ـ قد بالغ وضعّفها كلّها ، وردّها وحكم عليها حكما قاسيا ، واتّهم كل هؤلاء الرواة ومن رووا عنهم بما لا يليق أن يظنّ فيهم.
إنّ المشكلة ليست مشكلة حديث أو حديثين ، أو راو أو راويين ، إنّها مجموعة من الأحاديث والآثار تبلغ الثمانين تقريبا ، اجتمع على تناقلها مئات الرواة ، وأكثر من صاحب كتاب صحيح.
فلما ذا نردّ كلّ هذه الكمية؟ أكلّها فاسدة؟. لو صحّ هذا الحكم لانهار الدين ـ والعياذ بالله ـ نتيجة تطرّق الشك والظن الفاسد إلى ما عداها من سنّة رسول اللهصلىاللهعليهوآله.
ثم إنّي لا أجد خلافا حول ظهور المهدي ، أو حول حاجة العالم إليه ، وإنّما الخلاف حول من هو ، حسني ، أو حسيني؟ سيكون في آخر الزمان ، أو موجود الآن ، خفي وسيظهر؟ ظهر أو سيظهر؟. ولا عبرة بالمدّعين الكاذبين ، فليس لهم اعتبار.
ثم إنّي لم أجد مناقشة موضوعية في متن الأحاديث ، والذي أجده إنّما هو مناقشة وخلاف حول السند ، واتّصاله أو عدم اتّصاله ، ودرجة رواته ، ومن خرّجوه ، ومن قالوا فيه.