أمّا الحلّ فمن وجوه :
الأوّل ـ إنّ عدم علمنا بفائدة وجوده في زمان غيبته ، لا يدلّ على عدم كونه مفيدا في زمن غيبته ، فالسائل جعل عدم العلم ، طريقا إلى العلم بالعدم!! وكم لهذا السؤال من نظائر في التشريع الإسلامي ، فيقيم البسطاء عدم العلم بالفائدة ، مقام العلم بعدمها ، وهذا من أعظم الجهل في تحليل المسائل العلمية ، ولا شك أنّ عقول البشر لا تصل إلى كثير من الأمور المهمّة في عالم التكوين والتشريع ، بل لا يفهم مصلحة كثير من سننه ، وإن كان فعله سبحانه منزّها عن العبث ، بعيدا عن اللغو.
وعلى ذلك فيجب علينا التسليم أمام التشريع إذا وصل إلينا بصورة صحيحة ، كما عرفت من تواتر الروايات على غيبته.
الثاني : إنّ الغيبة لا تلازم عدم التصرف في الأمور ، وعدم الاستفادة من وجوده ، فهذا مصاحب موسى كان وليا ، لجأ إليه ، أكبر أنبياء الله في عصره ، فقد خرق السفينة التي يمتلكها المستضعفون ، ليصونها عن غصب الملك ، ولم يعلم أصحاب السفينة بتصرفه ، وإلّا لصدّوه عن الخرق ، جهلا منهم بغاية عمله. كما أنّه بنى الجدار ، ليصون كنز اليتيمين ، فأي مانع ، حينئذ من أن يكون للإمام الغائب في كل يوم وليلة تصرّفا من هذا النمط من التصرفات. ويؤيد ذلك ما دلّت عليه الروايات من أنّه يحضر الموسم في أشهر الحج ، ويحجّ ويصاحب الناس ، ويحضر المجالس ، كما دلّت على أنّه يغيث المضطرين ، ويعود المرضى ، وربما يتكفل ـ بنفسه الشريفة ـ قضاء حوائجهم ، وإن كان الناس لا يعرفونه.
الثالث : المسلّم هو عدم إمكان وصول عموم الناس إليه في غيبته ، وأمّا عدم وصول الخواص إليه ، فليس بأمر مسلّم ، بل الذي دلّت عليه الروايات خلافه ، فالصلحاء من الأمّة ، الذين يستدرّ بهم الغمام ، لهم التشرف بلقائه ، والاستفادة من نور وجوده ، وبالتالي ، تستفيد الأمّة بواسطتهم.
الرابع : لا يجب على الإمام أن يتولّى التصرّف في الأمور الظاهرية بنفسه ،