بل له تولية غيره على التصرف في الأمور كما فعل الإمام المهدي ، أرواحنا له الفداء ، في غيبته. ففي الغيبة الصغرى ، كان له وكلاء أربعة ، يقومون بحوائج الناس ، وكانت الصلة بينه وبين الناس مستمرة بهم. وفي الغيبة الكبرى نصب الفقهاء والعلماء العدول العالمين بالأحكام ، للقضاء وإجراء السياسات ، وإقامة الحدود ، وجعلهم حجة على الناس ، فهم يقومون في عصر الغيبة بصيانة الشرع عن التحريف ، وبيان الأحكام ، ودفع الشبهات ، وبكل ما يتوقف عليه نظم أمور الناس (١).
وإلى هذه الأجوبة أشار الإمام المهدي عليهالسلام في آخر توقيع له إلى بعض نوّابه ، بقوله: «وأمّا وجه الانتفاع بي في غيبتي ، فكالانتفاع بالشّمس إذا غيّبها عن الأبصار ، السحاب»(٢).
* * *
__________________
(١) المراد من الغيبة الصغرى ، غيبته صلوات الله عليه ، منذ وفاة والده عام ٢٦٠ إلى عام ٣٢٩ ، وقد كانت الصلة بينه وبين الناس مستمرة بواسطة وكلائه الأربعة : الشيخ أبي عمرو عثمان بن سعيد العمري ، وولده الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان ، والشيخ أبي القاسم الحسين بن روح من بني نوبخت ، والشيخ أبي الحسن علي بن محمد السّمري.
والمراد من الغيبة الكبرى ، غيبته من تلك السنة إلى زماننا هذا ، انقطعت فيها النيابة الخاصة عن طريق أشخاص معينين ، وحلّ محلّها النيابة العامة بواسطة الفقهاء والعلماء العدول ، كما جاء في توقيعه الشريف : «وأمّا الحوادث الواقعة ، فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا ، فإنّهم حجّتي عليكم ، وأنا حجة الله عليهم». (كمال الدين ، الباب ٤٥ ، ص ٤٨٤).
(٢) كمال الدين ، للصدوق ، الباب ٤٥ ، الحديث ٤ ، ص ٤٨٥. وقد ذكر العلامة المجلسي في وجه تشبيهه بالشمس إذا سترها السحاب ، وجوها ، راجعها في بحار الأنوار ، ج ٥٢ ، الباب ٢٠ ، ص ٩٣ ـ ٩٤.