وهذه الخطابات العامة لجميع الخلائق ، تعرب عن أنّ المعاد هو الهدف الأصيل لخلق الإنسان في الأرض ، وأنّ الله سبحانه أنزل آدم لهذه الغاية.
ب ـ نرى أنّ شيخ الأنبياء نوحا ، الذي جاء لهداية قومه بشريعة بسيطة ، يخاطبهم بخطابات فيها الدعوة إلى تلك العقيدة ، نذكر منها قوله :
ـ (وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً* ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً) (١).
فالدعوة إلى المعاد في هاتين الآيتين صريحة ، كما أنّها في الآية التالية بالإشارة.
ـ (رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ ، وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ) (٢).
ج ـ وهذا إبراهيم بطل التوحيد ، يذكر المعاد واليوم الآخر في غير واحد من كلماته ، كما يحكيه عنه الذكر الحكيم :
ـ (مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) (٣).
ـ (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ) (٤).
ـ (وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ) (٥).
ـ (وَاشْكُرُوا لَهُ ، إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (٦).
وهو سلام الله عليه ، لم يكتف بذلك ، بل طلب من الله تعالى إحياء
__________________
(١) سورة نوح : الآيتان ١٧ ـ ١٨.
(٢) سورة هود : الآية ٤٧ ، وهذا التضرع صدر منه عند ما علم بغرق ابنه في الماء ، فالمراد من الخسران هو الخسران بعد الموت.
(٣) سورة البقرة : الآية ١٢٦.
(٤) سورة إبراهيم : الآية ٤١.
(٥) سورة الشعراء : الآية ٨٧.
(٦) سورة العنكبوت : الآية ١٧.