المهمّ ، شرطا وصفة ، مع أنّه بيّن أبسط الأشياء وأدناها ، من المكروهات والمستحبات.
وثانيا : إنّ اعتبار العدالة لا ينسجم مع ما ذهبوا إليه من أنّ الإمام لا ينخلع بفسقه وظلمه ، وغيره ممّا نقلناه عنهم.
كما أنّهم جعلوا القهر والاستيلاء ، أحد الأمور التي تنعقد بها الإمامة ـ كما سيأتي ـ وتجعل المستولي والقاهر ولي أمر ، يشمله قوله سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ، أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (١). ومن المعلوم أنّ القاهر والمستولي بالحرب والنّار ، لا يهمه إلّا السلطة وإعمال القدرة ، سواء اجتمعت فيه هذه الشروط أولا. أفهل يجب إطاعة مثل هذا؟ :
وجوب طاعته لا ينسجم مع اعتبار هذه الشروط ، وعدم وجوب طاعته لا ينسجم مع كون القهر والغلبة من الأمور التي تنعقد بها الإمامة.
وثالثا : إنّ التاريخ الإسلامي يشهد بأنّ الخلفاء بعد عليّ عليهالسلام ، كانوا يفقدون أكثر هذه الصلاحيات ومع ذلك يمارسون الخلافة.
فهذه صحائف تاريخهم ، من لدن تسنّم معاوية عرش الخلافة ، إلى آخر خلفاء بني مروان ، خضبوا وجه الأرض بدماء الأبرياء ، وقتلوا الصحابة والتابعين ، ونهبوا الديار والأموال ، وقد بلغ جورهم وظلمهم الذروة ، حتى ثارت عليهم الأمّة ، وقتلت صغيرهم وكبيرهم ، فلم يبق منهم إلّا من فرّ إلى الأندلس. وبعدهم تسلّط العباسيون ، باسم حماية أهل البيت ، ولكن حدث ما حدث ، ولم تكن سيرتهم أحسن حالا من سيرة الأمويين ، حتى قال القائل :
يا ليت جور بني مروان دام لنا |
|
وليت عدل بني العبّاس في النار |
* * *
__________________
(١) سورة النساء : الآية ٥٩.