مآله إلى أنّ شخصيتكم الحقيقية لا تضل أبدا في الأرض ، وما يرجع إليها يأخذه ويقبضه ملك الموت ، وهو عندنا محفوظ لا يتغير ولا يتبدّل ولا يضلّ ، وأمّا الضال ، فهو البدن الذي هو بمنزلة اللباس لهذه الشخصية.
فينتج أنّ الضال لا يشكل شخصية الإنسان ، وما يشكّلها ويقوّمها فهو محفوظ عند الله ، الذي لا يضلّ عنده شيء.
والآية تعرب عن بقاء الروح بعد الموت وتجرّدها عن المادة وآثارها ، وهذا الجواب هو الأساس لدفع أكثر الشبهات التي تطرأ على المعاد الجسماني العنصري.
وبما أنّ تجرد النفس ، ممّا شغل بال المنكرين ، واهتمّ به القرآن الكريم ، عناية كاملة ، فسنبحث عنه بعد الإجابة عن الشبهة الرابعة.
جواب الشبهة الرابعة ـ شخصية المعاد نفس شخصية المبتدأ
عرفت أنّهم قالوا : إذا كانت الغاية من المعاد ، تحقيق العدل الإلهي ، وإثابة المطيع ، وعقاب العاصي ، فيجب أن يكون المعاد نفس المبتدأ حتى لا يؤخذ البريء بجرم المتعدي ، وهو يتوقف على وجود الصلة بين الشخصيتين ، وليس هناك صلة بينهما.
وهذه الشبهة ناشئة من نفس ما نشأت الشبهة السابقة منه ، وهو تخيّل أنّ شخصية الإنسان منحصرة في الإطار المادي ، لا غير. ولعلّ قولهم : «أءذا ضللنا في الأرض» ، يشير إلى هذه الشبهة.
والجواب نفس الجواب السابق ، وهو أنّ ما يرجع إلى حقيقة الإنسان محفوظ عند الله سبحانه ، وهو الصّلة الوثيقة بين المبتدأ والمعاد ، وهو الذي يجعل البدن الثاني ، إعادة للشخص الأول ، لأنّ شخصيته هي روحه ونفسه وهي محفوظة في كلتا الحالتين ، وإنّما البدن أداة ولباس لها ، وليس هذا بمعنى أنّ الروح تعاد ولا يعاد البدن ، ولا أنّه لا يعاد نفس البدن الأول ، بل بمعنى أنّ المناط للشخصية الإنسانية ، هو روحه ونفسه ، والبدن غير مهتم به ، والغرض من حشره ببدنه ، عدم إمكان تعذيب الروح أو تنعيمها إلّا عن طريق البدن ، فإذا كانت الشخصية