ودلالة الآية كدلالة سابقتها ، ولا يمكن تفسير قوله : (فَأُدْخِلُوا ناراً) ، بنار القيامة ، وذلك لأنّ القيامة لم تقع بعد ، والآية تحكي عن الدخول أوّلا ، وكونه متصلا بغرقهم لا منفصلا عنه ثانيا ، قضاء بحكم الفاء في قوله : (فَأُدْخِلُوا).
(ه) يقول سبحانه : (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ، ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) (١).
وقد تقدمت دلالة الآية ، فقلنا إنّ محور الدلالة هو الإمعان في معنى التوفّي.
(و) يقول سبحانه : (وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ ، الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) (٢).
والمراد من الأنفس ، في الآية ، هو عين ما ورد في قوله سبحانه : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) ، وهي تحكي عن أنّ للظالمين أبدانا وأنفسا والملائكة موكّلون بأخذ أنفسهم وترك أبدانهم ، ولو كان الإنسان موجودا ماديا محضا ، فما معنى أخذ الأنفس ، إذ يكون الموت حينئذ خمود الحرارة الغريزية لا أكثر.
أضف إلى ذلك أنّ الآية تدلّ على أن الظالم يعذب يوم خروج نفسه بعذاب الهون ، وهذا يدل على أنّ وراء البدن شيء آخر يعذّب.
وتفسير عذاب الهون بشدة قبض الروح ، تفسير على خلاف الظاهر.
(ز) يقول سبحانه : (قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ، قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ* بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ) (٣).
يقول المفسرون : إنّ عيسى عليهالسلام بعث رسولين من الحواريين إلى
__________________
(١) سورة السجدة : الآية ١١.
(٢) سورة الأنعام : الآية ٩٣.
(٣) سورة يس : الآيتان ٢٦ و ٢٧.