ويقول سبحانه : (فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ) (١).
وفي الروايات الإسلامية أخبار كثيرة فيما قدمنا (٢).
ب ـ موت البدن وموت القلب
وهناك تقسيم آخر للموت حسب متعلقه ، وهو أنّه تارة ينسب إلى الجسم والبدن ، وأخرى إلى القلب ومراكز الإدراك ، والأول هو الموت الطبيعي ، والثاني من شئون بعض الأحياء ، إذا حلّ الكف محلّ الإيمان ، والجهل مكان العلم في قلوبهم ، فهؤلاء أموات بهذا النظر ، وإن كانوا أحياء ماديين يأكلون ويشربون ويتحركون ، يقول سبحانه : (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) (٣) ويقول : (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ ، كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها) (٤).
ولا يختص الموت بهذه الطغمة الظالمة ، بل يعمّ المتخاذلين المستبطئين في الدفاع عن عزّهم وكيانهم ، ليعيشوا أياما أو أعواما صاغرين ، فهؤلاء أموات في منطق الإمام علي عليهالسلام ، كما أنّ المتفانين في حفظ عزّتهم وكرامتهم أحياء ، وإن تضرّجوا بدمائهم في سوح الجهاد ، يقول عليهالسلام : «فالموت ، في حياتكم مقهورين. والحياة ، في موتكم قاهرين» (٥).
كما أنّ من لا يحسّ بالمسئولية أمام المجتمع ، ويترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعامة مراتبهما ، ميّت الأحياء ، يقول علي عليهالسلام : «ومنهم تارك لإنكار المنكر بلسانه ، وقلبه ويده ، فذلك ميّت الأحياء» (٦).
__________________
(١) سورة محمد : الآية ٢٧.
(٢) لاحظ بحار الأنوار ، ج ٦ ص ١٢٢ ـ ١٥٤.
(٣) سورة النمل : الآية ٨٠.
(٤) سورة الأنعام : الآية ١٢٢. ولاحظ الروم : الآية ٥١ ـ ٥٢.
(٥) نهج البلاغة ، الخطبة ٥١.
(٦) نهج البلاغة ، قسم الحكم ، الرقم : ٣٧٤.