تفسيرها ، فلا مناص من الإمعان فيها نفسها ، أو اللجوء إلى الروايات الواردة حولها ، فنقول :
أما السؤال الأول ، فالمراد من وقوع القول عليهم ، هو استحقاقهم للعذاب ، يظهر ذلك من قوله تعالى : (وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِما ظَلَمُوا فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ) (١). وليس المراد من القول ، القول اللفظي ، بل القول التكويني المساوق لتحقّق العذاب ، وحصوله في الخارج. وقد عرفت أنّ العالم فعل الله سبحانه ، وفعله كلامه ، والآيتان نظير قوله سبحانه : (أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ ، أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ) (٢).
وأما الثاني فالدابة في اللغة والقرآن تطلق على كل ما يدبّ على الأرض ، يقول سبحانه : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُها) (٣). ولا يظهر من نفس الآية أنّه من أي نوع من الدواب ، أهو إنسان أو حيوان ، فلا مناص من الرجوع إلى الروايات التي نشير إلى مصادرها آخر البحث.
غير أنّه يمكن أن يقال إن «الدابة» استعملت في القرآن كثيرا في المعنى العام ، فإطلاقها على نوع خاص منه كالإنسان ، يحتاج إلى قرينة.
أضف إلى ذلك أنّه ربما استعمل في مقابل الإنسان ، يقول سبحانه : (... وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ) (٤) وفي آية أخرى : (وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِ) (٥). وهذا يدفعنا إلى القول بأنّ المراد من الدابة هو غير الإنسان.
وأما الثالث : فلا يظهر من الآية شيء في جوابه إلّا احتمال أن يكون مقول كلامها هو ما جاء في ذيل الآية من قوله (أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ). وقد ورد في بعض الروايات مضمون كلامها الذي تتكلم به.
__________________
(١) سورة النمل : الآية ٨٥.
(٢) سورة الزمر : الآية ١٩.
(٣) سورة هود : الآية ٦.
(٤) سورة الحج : الآية ١٨.
(٥) سورة فاطر : الآية ٢٨.