قسم منها يضاد المعاد ويخالفه ، فنقول : إن للتناسخ المطروح من قبل أصحابه صورا ثلاثة :
الصورة الأولى : التناسخ المطلق
وهو انتقال النفس من بدن إلى بدن آخر في هذه النشأة ، فإذا مات البدن الثاني انتقلت إلى ثالث ، وهكذا بلا توقف أبدا ، والبدن المنتقل إليه قد يكون بدن إنسان أو حيوان أو نبات. وطريق الانتقال غالبا ، هو التعلّق بجنين الإنسان أو الحيوان ، أو بالخليّة النباتية. وقد نسب هذا القول إلى القدماء من الحكماء.
قال شارح حكمة الإشراق (١) : «إن شرذمة قليلة من القدماء ذهبوا إلى امتناع تجرّد شيء من النفوس بعد المفارقة لأنها جسمانية ، دائمة الانتقال في الحيوانات وغيرها من الأجسام ، ويعرفون بالتناسخية ، وهم أقلّ الحكماء تحصيلا» (٢).
الصورة الثانية : التناسخ المحدود (النزولي)
وهو أن يختص الانتقال ببعض النفوس دون بعض آخر ، وهذا كما هو محدود من حيث الأفراد ، محدود كذلك من حيث الزّمان. وذلك لأن الانتقال قد ينقطع ، ولا ترجع النفس إلى النشأة الدنيوية ، بل تلتحق بعالم النور والعقول.
ووجه المحدودية من حيث الأفراد ، أنّ النفوس المفارقة للأبدان بعد الموت ، على قسمين :
١ ـ نفوس كاملة في مجالي العلم والعمل ، فهذه لا حاجة لها للانتقال إلى أبدان أخرى ، لأنها وصلت إلى كمالها الممكن ، فلا تحتاج إلى الرجوع ثانية إلى هذه النشأة.
__________________
(١) قطب الدين محمود بن مسعود الشيرازي ، المتوفي عام ٧١٠ أو ٧١٦ للهجرة.
(٢) شرح حكمة الإشراق ، المقالة الخامسة ، الفصل الأول ، ص ٤٧٦.