٢ ـ ونفوس ناقصة في كلا المجالين ، فلا مناص لتكاملها من إرجاعها إلى هذه النشأة حتى تكتمل فيهما إلى أن تصير غنية عن الرجوع ، فتلحق بعالم العقول.
وأما المحدودية من جانب الزمان ، فوجهه أنّ الهدف من التناسخ ورجوع النفس إلى البدن في هذه النشأة مجددا ، هو إكمالها في مجال العلم ، وتهذيبها من الرذائل ، وتجريدها من الكدورات. فإذا صارت منزهة عنها ، فلا وجه لدوام هذا النقل والتحوّل ، بل لا مناص من لحوقها بعد الاستكمال بعالم النور.
ويسمى التناسخ المحدود من حيث الأفراد والأزمنة ب «التناسخ النزولي».
يقول صدر المتألهين شارحا هذه العقيدة : «إن أول منزل للنفس ، الصّيصيّة الإنسانية (١) ، ويسمونها «باب الأبواب لحياة جميع الأبدان الحيوانية والنباتية» ، وهذا هو رأي يوذاسف التناسخي ، قائلا بأن الكاملين من السعداء تتصل نفوسهم بعد المفارقة بالعالم العقلي والملأ الأعلى ، وتنال من السعادة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. وأما غير الكاملين من السعداء كالمتوسطين منهم والناقصين في الغاية والأشقياء على طبقاتهم ، فتنتقل نفوسهم من هذا البدن إلى تدبير بدن آخر من النوع الإنساني لا إلى غيره. وبعضهم جوّز ذلك ولكن اشترط أن يكون إلى بدن حيواني. وبعضهم جوّز النقل من البدن الإنساني إلى البدن النباتي أيضا ، وبعضهم إلى الجامد أيضا» (٢).
الصورة الثالثة : التناسخ الصعودي
وهناك قسم ثالث من التناسخ يسمى بالصعودي ، يغاير التناسخ النزولي ، وحاصله أنّ الحياة إنما تفاض على المستعد فالمستعد ، والنبات ـ بزعمهم ـ أشدّ
__________________
(١) أي البدن والهيكل المادي الإنساني في اصطلاح شيخ الإشراق ومن تابعه.
(٢) الأسفار ، ج ٩ ، الباب الثامن ، الفصل ٢ ، ص ٨ ويسمي الأول نسخا والثاني مسخا والثالث فسخا والرابع رسخا ، يقول الحكيم السبزواري :
نسخ ومسخ رسخ فسخ قسما |
|
إنسانا وحيوانا جمادا نما |