سؤال وجواب :
أما السؤال فهو أنّ هذا إنما يتم إذا كان هناك فصل زمني بين صلوح البدن لإفاضة الحياة ، وتعلّق النفس المستنسخة. وأما إذا كان صلوحه وقابليته ، مقارنا لتعلق النفس المستنسخة ، فلا يلزم اجتماع نفسين في بدن واحد ، لأنها تمنع عن إفاضة الحياة عليه ، فلا تكون له نفسان ولا حياتان.
والجواب : إن كون النفس المستنسخة مانعة من حدوث النفس الأخرى ليس بأولى من منع الأخرى من التعلّق بالبدن.
أضف إلى ذلك أنّ استعداد المادة البدنية لقبول النفس من الواهب للصور ، يجري مجرى استعداد الجدار لقبول نور الشمس مباشرة أو انعكاسا إذا رفع الحجاب من أمامه. فإن كان عند ارتفاع الحجاب جسم ثقيل ينعكس فيه نور الشمس الواقع عليه إلى ذلك الجدار ، أشرق عليه النوران الشمسيان المباشري والانعكاسي ، ولا يمنع من وقوع الانعكاسي ، وقوع النور المباشري عليه. ومثل ذلك ما نحن فيه ، غير أن اجتماع النفسين ممتنع ، ومانعية إحداهما عن طروء الأخرى غير صحيحة. فينتج أنّ التناسخ المبتني على أحد الأمرين (اجتماع نفسين أو مانعية إحداهما من طروء الأخرى) باطل (١).
الثاني : عدم التناسخ بين النفس والبدن
قد ثبت في محله أنّ تركيب البدن والنفس ، تركيب طبيعي اتحادي ، لا تركيب انضمامي ، فليس تركيبهما كتركيب السرير من الأخشاب والمسامير ، ولا كتركيب العناصر الكيميائية وتأثير بعضها في بعض.
والنفس في أول حدوثها متسمة بالقوة ، في كل ما لها من الأحوال ، وكذا البدن ، ولها في كل وقت شأن آخر من الشئون الذاتية بإزاء سن الطفولة والصبا
__________________
ـ أنه لو تعلقت نفس واحدة ببدنين لزم أن يكون معلوم أحدهما معلوما للآخر وبالعكس ، وكذا باقي الصفات النفسانية ، وهو باطل بالضرورة.
(١) لاحظ الأسفار ، ج ٩ ، ص ١٠ ، وهذا البرهان يختص المشائيين وقبله صدر المتألهين أيضا.