والشباب والشيخوخة والهرم. وهما معا يخرجان من القوة إلى الفعل ، ودرجات القوة والفعل في كل نفس معينة بإزاء درجات القوة والفعل في بدنها الخاص بها ما دامت متعلقة به. فإذا صارت بالفعل في نوع من الأنواع استحال صيرورتها تارة أخرى في حد القوة المحضة ، كما استحال صيرورة الحيوان بعد بلوغه تمام الخلقة ، نطفة وعلقة.
فلو تعلقت نفس منسلخة ببدن آخر عند كونه جنينا أو غير ذلك ، يلزم كون أحدهما بالقوة والآخر بالفعل ، وذلك ممتنع. لأن التركيب بينهما طبيعي اتحادي ، والتركيب الطبيعي يستحيل بين أمرين ، أحدهما بالفعل والآخر بالقوة (١).
نعم ، هذا البرهان إنما يتم لو تعلقت النفس ببدن أدون من حيث الدرجات الفعلية من النفس ، كما إذا تعلقت بالجنين على مراتبه وأما لو تعلقت ببدن له من الفعلية ما للنفس منها ، فالبرهان غير جار فيه.
وهذا البرهان يغاير البرهان الذي ذكرناه ، عند إبطال التناسخ النزولي فإن محور البرهان هنا لزوم التناسق بين البدن والنفس من حيث القوة والفعل ، وهذا الشرط مفقود في أكثر موارد التناسخ ، كما إذا تعلقت بالجنين.
وأما ما ذكرناه في إبطال التناسخ النزولي فإن محوره هو لزوم الحركة الرجعية في عالم الكون ، ورجوع ما بالفعل إلى ما بالقوة ، فلا يختلط عليك الأمران.
* * *
سؤالان وجوابان
قد فرغنا من أقسام التناسخ وأنواعه وما يمكن أن يستدل به على إبطالها. وبقى هنا سؤالان يجب طرحهما والإجابة عنهما :
__________________
(١) الأسفار ، ج ٩ ، ص ٢ ـ ٣.