السؤال الأول : التناسخ ووقوع المسخ في الأمم السالفة
لو كان تعلق النفس الإنسانية ببدن الحيوان بعد مفارقة البدن الإنساني تناسخا ممتنعا ، فكيف وقع المسخ في الأمم السالفة ، حيث مسخوا إلى القردة والخنازير كما يقول سبحانه: (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللهِ مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ) (١).
ويقول سبحانه : (فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ) (٢).
فإن صريح هذه الآيات تحوّل جماعة من البشر إلى قردة وخنازير ، وهو لا ينفك عن تعلق نفوسهم البشرية بأبدان الحيوانات. فما هو الفرق بينه والقول بالتناسخ؟.
الجواب : إنّ مقوم التناسخ أمران :
١ ـ تعدد البدن ، فإن في التناسخ بدنين : أحدهما البدن الذي تنسلخ عنه الروح ، والثاني : البدن الذي تتعلق به ثانيا بعد المفارقة سواء كان نباتا أو حيوانا أو جنينا.
٢ ـ تراجع النفس الإنسانية من كمالها إلى الحد الذي يناسب بدنها المتعلقة به من نبات أو حيوان أو جنين أو إنسان.
وكلا الشرطين مفقود في المقام ، فإن الأمة الملعونة والمغضوبة مسخت إلى القردة والخنازير بنفس أبدانها الأولية ، فخرجت عن الصورة الإنسانية إلى الصورة القردية والخنزيرية من دون أن يكون هناك بدنان. كما أن نفوسها السابقة بقيت
__________________
(١) سورة المائدة : الآية ٦٠.
(٢) سورة الأعراف : الآية ١٦٦. والاستدلال مبني على أن المراد من النكالة هو العقوبة كما أن المراد من الموصول في «لما بين يديها وما خلفها» ، الذنوب المتقدمة على الاصطياد والمتأخرة عنه. فتكون اللام في قوله : «لما» ، سببيّة. (لاحظ مجمع البيان ، ج ١ ، ص ١٣٠).