على الحد الذي كانت عليه ، وذلك لتنظر إلى الصورة الجديدة التي عرضت عليها ، فتعاقب وتنزجر. وإلا ، لو انقلبت نفوسها من الحد الذي كانت عليه إلى حد النفس الحيوانية ، فلا شكّ أنّها ستكون قردة بالحقيقة ، وعندئذ لا يترتب عليه عقاب ولا يصدق عليه النكال ، مع أنه سبحانه يصفه نكالا ، ويقول : (فَجَعَلْناها نَكالاً لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) (١).
وهذان الأمران يفصلان المسخ في الأمم السالفة عن القول بالتناسخ.
وبالجملة : فقد تجلت الروحيات الخبيثة التي كانت عليها تلك الأمة ، على ظواهر أبدانها ، فلبست لباس الخنازير والقردة المعروفة بالحرص الشديد ، ومثل هذا ـ مع وحدة البدن وعدم نزول النفس عن درجتها السابقة ـ لا يعدّ تناسخا.
قال التفتازاني : «إن المتنازع هو أن النفوس بعد مفارقتها الأبدان ، تتعلق في الدنيا بأبدان أخر للتدبير والتصرف والاكتساب ، لا أن تتبدل صور الأبدان ، كما في المسخ. أو أن تجتمع أجزاؤها الأصلية بعد التفرق ، فتردّ إليها النفوس ، كما في المعاد على الإطلاق ، وكما في إحياء عيسى بعد الأشخاص» (٢).
وقال العلامة المجلسي : «إن امتياز نوع الإنسان ، إذا كان بهذا الهيكل المخصوص ، فلا يكون إنسانا بل قردا. وإن كان امتيازه بالروح المجردة ، كانت الإنسانية باقية غير ذاهبة ، وكان إنسانا في صورة حيوان ، ولم يخرج من نوع الإنسان ولم يدخل في نوع آخر» (٣).
يقول العلامة الطباطبائي : لو فرضنا إنسانا تغيّرت صورته إلى صورة نوع آخر من أنواع الحيوان كالقرد والخنزير ، فإنما هي صورة على صورة ، فهو إنسان خنزير ، أو إنسان قرد ، لا إنسان بطلت إنسانيته وحلّت الصورة الخنزيرية أو القردية محلها ، فالإنسان إذا اكتسب صورة من صور الملكات ، تصورت نفسه
__________________
(١) سورة البقرة : الآية ٦٦.
(٢) شرح المقاصد ، ج ٢ ، ص ٣٩.
(٣) البحار ، ج ٥٨ ، طبعة بيروت ، ص ١١٣.