بها ، ولا دليل على استحالة خروجها في هذه الدنيا من الكمون إلى البروز على حد ما ستظهر في الآخرة بعد الموت.
فالممسوخ من الإنسان ، إنسان ممسوخ ، لا أنّه ممسوخ فاقد للإنسانية.
وبذلك يظهر الفرق بين المقام والتناسخ ، فإن التناسخ هو تعلق النفس المستكملة بنوع كمالها بعد مفارقتها البدن ، ببدن آخر ، بخلاف المقام (١).
السؤال الثاني : التناسخ والرجعة
ما هو الفرق بين التناسخ الباطل بالأدلة السابقة ، والقول بالرجعة على ما عليه الإمامية ، فإن رجوع بعض النفوس بعد مفارقتها أبدانها ، إليها في هذه النشأة ، أشبه بالتناسخ.
والجواب : قد عرفت عند البحث عن المسخ ، أن مجوز التناسخ أمران : تعدد البدن وتراجع النفس عن الحد الذي كانت عليه ، وكلاهما مفقودان في الرجعة ، فإن النفس ترجع إلى البدن الذي فارقته من دون أن تمس كمال النفس ، وتحطها من مقامها ، بل هي على ما هي عليه من الكمال عند المفارقة ، فتتعلق أخرى بالبدن الذي فارقته.
ومن هنا يظهر أن القول بالحشر في النشأة الأخرى ، على طرف النقيض من التناسخ.
خاتمة المطاف
إن الذكر الحكيم ينصّ على عدم رجوع نفس الإنسان إلى هذه الدنيا بعد مفارقتها البدن (خرج ما خرج بالدليل كما في إحياء الأموات بيد الأنبياء العظام وغيره) يقول سبحانه : (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ ، كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها ، وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ
__________________
(١) الميزان ، ج ١ ، ص ٢١٠ بتلخيص.