على أنّ التشريع الإسلامي كان يشق طريقه نحو التكامل بصورة تدريجية ، لأنّ حدوث الوقائع والحاجات الاجتماعية ، في عهد الرسول الأكرم ، كان يثير أسئلة ويتطلب حلولا ، ومن المعلوم أنّ هذا النمط من الحاجة كان مستمرا بعد الرسول. غير أنّ ما ورثه المسلمون من النبي الأكرم لم يكن كافيا للإجابة عن جميع تلك الأسئلة.
أمّا الآيات القرآنية في مجال الأحكام ، فهي لا تتجاوز ثلاثمائة آية. وأمّا الأحاديث ـ في هذا المجال ـ فالذي ورثته الأمّة لا يتجاوز الخمسمائة حديث.
وهذا القدر من الأدلة غير واف بالإجابة على جميع الموضوعات المستجدة إجابة توافق حكم الله الواقعي ، ولأجل إيقاف الباحث على نماذج من هذه القصورات ، نذكر بعضها :
أ ـ رفع رجل إلى أبي بكر وقد شرب الخمر ، فأراد أن يقيم عليه الحدّ ، فادّعى أنّه نشأ بين قوم يستحلّونها ، ولم يعلم بتحريمها إلى الآن ، فتحيّر أبو بكر في حكمه (١).
ب ـ مسألة العول شغلت بال الصحابة فترة من الزمن ، وكانت من المسائل المستجدة التي واجهت جهاز الحكم بعد الرسول ، وقد طرحت هذه المسألة أيام خلافة عمر بن الخطاب ، فتحيّر ، فأدخل النقص على الجميع استحسانا ، وقال : «والله ما أدري أيّكم قدّم الله ولا أيّكم أخّر ، ما أجد شيئا أوسع لي من أنّ أقسّم المال عليكم بالحصص ، وأدخل على ذي حقّ ما أدخل عليه من عول الفريضة» (٢).
ج ـ سئل عمر بن الخطاب عن رجل طلّق امرأته في الجاهلية ، تطليقتين ،
__________________
(١) الكافي ، ج ٧ ، كتاب الحدود ، ص ٢٤٩ ، الحديث ٤. الإرشاد للمفيد ، ص ١٠٦ ، مناقب ابن شهرآشوب ، ص ٤٨٩.
(٢) أحكام القرآن ، للجصاص ، ج ٢ ، ص ١٠٩ ، ومستدرك الحاكم ، ج ٤ ، ص ٣٤٠. راجع في توضيح حقيقة العول المصدرين المذكورين والكتب الفقهية في الميراث.