والآيات والروايات الواردة حول العمل ، والتصديق القلبي إذا لم يقترن بالعمل ، لا ينجو الإنسان من عذاب الآخرة.
* * *
هذا هو الحق في الإيمان ، وهاهنا أقوال أخر ، نشير إليها :
الأول : إن الإيمان هو التصديق بالقلب واللسان معا ، ولا يكفي التصديق القلبي وحده ، وهذا القول للمحقق الطوسي مستدلا بما مضى من قوله سبحانه : (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ) (١).
يلاحظ عليه : إنّ التنديد بهم سببه نفاقهم ، وعدم مطابقة لسانهم لما في قلوبهم. فلو كانوا مستيقنين غير منكرين بألسنتهم لكانوا مستحقين للثناء.
الثاني : إنّ الإيمان هو الإقرار باللسان. واستدل القائل به بأنّ من أعلن بلسانه شهادة الإسلام فهو مسلم محكوم له بحكم الإسلام.
أضف إليه قول رسول الله صلىاللهعليهوآله في السوداء : «اعتقها فإنها مؤمنة» (٢).
يلاحظ عليه : إنّ الحكم لهم بالإسلام أو بالإيمان إنما هو بحسب الظاهر ، وليس هو حكما بحسب الواقع ، ففي هذا المقام يجعل الاعتراف اللساني طريقا إلى التصديق الجنائي ، ولو علم خلافه ، لحكم بالنفاق. قال سبحانه : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) (٣).
فإنّ الرسول وأصحابه كانوا مكلفين بالحكم حسب المعايير الظاهرية التي تكشف عادة عن الإيمان القلبي ، قال رسول الله : أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلّا الله ، ويؤمنوا بما أرسلت به ، فإذا فعلوا ذلك ، عصموا مني
__________________
(١) كشف المراد ، ص ٢٧٠ ، ط صيدا.
(٢) الفصل ، ج ٣ ، ص ٢٠٦.
(٣) سورة البقرة : الآية ٨.