وأمّا حلّا :
فقد عرفت أنّ طلب شيء من أي شخص كان ، إنما يعد عبادة ، إذا اعتقد أنّه إله أو ربّ ، أو أنّه مفوّض إليه فعل الخالق وتدبيره وشئونه. وأمّا طلب من الشخص بما أنّه عبد صالح محبوب عند الله ، فلا يعدّ عبادة للمدعو سواء أكان نافعا أو لا. وقد أوضحنا معنى العبادة عند البحث عن التوحيد في العبادة (١).
الوجه الثاني :
إنّ طلب الشفاعة من النبي يشبه عمل عبدة الأصنام في طلبهم الشفاعة من آلهتهم الكاذبة ، وقد حكى القرآن ذاك العمل منهم ، وقال.
(وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ)(٢).
وعلى ذلك فالاستشفاع من غيره سبحانه ، عبادة لهذا الغير (٣).
والجواب :
إنّ المعيار في القضاء ليس هو التشابه الصوري ، بل المعيار هو البواطن والعزائم ولو صحّ ما ذكره لوجب أن يكون السعي بين الصفا والمروة ، والطواف حول البيت ، شركا ، لقيام المشركين به في الجاهلية ، وقد عرفت أنّهم كانوا يطلبون الشفاعة من الأوثان باعتقاد أنّها آلهة أو أشياء فوّض إليها أفعال الله سبحانه من المغفرة والشفاعة.
وأين هذا من طلب الشفاعة من الأنبياء والأولياء بما أنّهم عباد الله
__________________
(١) لاحظ الجزء الأول من الكتاب ، ص ٤٢٩ ـ ٤٤٧.
(٢) سورة يونس : الآية ١٨.
(٣) كشف الشبهات لمحمد بن عبد الوهاب ، ص ٦.