الأصول ، وتتلاعب بالأحكام ، وتشوش التاريخ ، أو ليس هذا دليلا على عدم وفاء الأمّة بصيانة دينها عن التشويش والتحريف؟.
* * *
هذا البحث الضافي يثبت حقيقة ناصعة ، وهي عدم تمكّن الأمّة ، مع ما لها من الفضل ، من القيام بسدّ الفراغات الهائلة التي خلّفتها رحلة النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلا مناص من تعيّن الاحتمال الثالث ، وهو سدّ تلك الثغرات بفرد مثالي يمارس وظائف النبي في المجالات السابقة ، بعلمه المستودع فيه ، ويكون له من المؤهلات ما للنبي الأكرم ، سوى النبوّة ، وسوى كونه طرفا للوحي.
إنّ الغرض من إرسال الأنبياء هي الهداية الإلهية لبني البشر ، إلى الكمال في الجانبين المادي والروحي. ومن المعلوم أنّ هذه الغاية لا يحصل عليها الإنسان إلّا بالدين المكتمل أصولا وفروعا ، المصون من التحريف والدسّ. وما دام النبي حيّا ، بين ظهرانيّ الأمّة ، تتحقق تلك الغاية بنفسه الشريفة ، وأمّا بعده فيلزم أن يخلفه إنسان مثله في الكفاءات والمؤهّلات ، ليواصل دفع عجلة المجتمع الديني في طريق الكمال ، ويحفظه من الانقلاب على الأعقاب ، والتقهقر إلى الوراء. ووجود إنسان مثالي ، كالنبي في المؤهلات ، عارف بالشريعة ومعارف الدين ، ضمان لتكامل المجتمع ، وخطوة ضرورية في سبيل ارتقائه الروحي والمعنوي. فهل يسوغ على الله سبحانه أن يهمل هذا العامل البنّاء ، الهادي للبشرية إلى ذروة الكمال.
إنّ الله سبحانه جهّز الإنسان بأجهزة ضرورية ، وأجهزة كمالية. حتى أنّه قد زوّده بالشعر على أشفار عينيه وحاجبيه ، وقعر أخمص قدميه ، كل ذلك لتكون حياته سهلة لذيذة غير متعبة ، فهل ترى أنّ حاجته إلى هذه الأمور أشدّ من حاجته إلى خلف حامل لعلوم النبوة ، قائم بوظائف الرسالة.
وما أجمل ما قاله أئمة أهل البيت في فلسفة وجود هذا الخلف ، ومدى تأثيره في تكامل الأمّة :