قال الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام : «اللهم بلى ، لا تخلو الأرض من قائم لله : بحجة ، إمّا ظاهرا مشهورا ، وإمّا خائفا مغمورا ، لئلّا تبطل حجج الله وبيّناته» (١).
وقال الإمام الباقر عليهالسلام : «إنّ الله لم يدع الأرض بغير عالم ، ولو لا ذلك لما يعرف الحق من الباطل» (٢).
وقال الإمام الصادق عليهالسلام : «إنّ الأرض لا تخلو وفيها إمام ، كيما زاد المؤمنون شيئا ردّهم ، وإذا نقصوا شيئا أئمّة لهم» (٣).
هذه المأثورات من أئمة أهل البيت ، تعرب عن أنّ الغرض الداعي إلى بعثة النبي ، داع إلى وجود إمام يخلف النبي ، في عامة سماته ، سوى ما دلّ القرآن على انحصاره به ، ككونه نبيّا رسولا وصاحب شريعة.
نعم ، إنّ كثيرا ممّن ليست لهم أقدام راسخة في أبواب المعارف ، يصعب عليهم تصوّر إنسان مثالي يحمل علوم النبوة ، وليس بنبي ؛ ويقوم بوظائفها الرسالية ، وليس برسول ؛ يحيط بمعارف الشريعة وأحكامها ، وليس طرفا للوحي ؛ ويصون الشريعة من التحريف والدسّ ، ويردّ تشكيكات المبطلين ، وليس له صلة بسماء الوحي. ولأجل ذلك يثيرون في وجهه إشكالين ، لا بدّ من ذكرهما ، والإجابة عنهما.
الإشكال الأول
إنّ الفرد الجامع لهذه الخصائص ، لا يفترق عن النبي ، فتصبح الإمامة عندئذ ، مرادفة للنبوّة ، مع أنّ أدلّة الخاتمية قطعت طريق هذا الاحتمال (٤).
__________________
(١) نهج البلاغة ، قسم الحكم ، الرقم ١٤٧.
(٢) الكافي ، ج ١ ، ص ١٧٨.
(٣) الكافي ، ج ١ ، ص ١٧٨.
(٤) وقد عرفت عن صاحب المواقف أنّه اعترض على تعريف الإمامة بأنّها رئاسة عامة في أمور الدين والدنيا ، بالنقض بالنبوة ، ص ٣٤٥.