صورة موجودة في النفس وتبدّلها إلى صورة غيرها ما دامت تعيش في هذه النشأة الدنيوية.
نعم ، تقف الحركة ويبطل التحول عند موافاة الموت ، فعند ذلك تثبت لها الصور بلا تغيير أصلا.
فلو قلنا بهذا الوجه ، كان الإحباط على وفق القاعدة ، لأنّ الجزاء في الآخرة ، إذا كان فعل النفس وإيجادها ، فهو يتبع الصورة الأخيرة للنفس ، التي اكتسبتها قبل الموت. فإن كانت صورة معنوية مناسبة للثواب فالنفس منعّمة في الثواب من دون مقابلة بالعقاب ، لأن الصورة المناسبة للعقاب قد بطلت بصورة أخرى. وإذا انعكست الصورة ، انعكس الحكم.
وأما لو قلنا بالوجه الثالث ، وهو تجسّم الأعمال وتمثلها في الآخرة بالوجود المماثل لها ، فالقول بعدم الإحباط هو الموافق للقاعدة ، إذ لا معنى للإبطال ، في النشأة الأخرى.
غير أن الكلام كلّه في انحصار الثواب والعقاب بهذين الوجهين الأخيرين ، وقد عرفت في الجزء الأول أنّ المتشرع لا يتجرأ على القول بذلك (١).
عوامل الإحباط وأسبابه
البحث عن عوامل الإحباط وأسبابه ، بحث نقلي يتوقف على السبر والفحص في الكتاب والسنة ، ونكتفي في المقام بما جاء في الكتاب العزيز.
١ ـ الارتداد بعد الإسلام
قال سبحانه : (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ ، فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ ، وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٢).
__________________
(١) لاحظ «الإلهيات» ج ١ ، ص ٢٩٩.
(٢) سورة البقرة : الآية ٢١٧.