النار غدوّا وعشيا (١) ، لأنهما راجعان إلى الحياة البرزخية. والتنعيم او التعذيب فيهما ، غيرهما في الآخرة.
الوجه الثاني : الآيات الصريحة في كونهما مخلوقين ، كقوله سبحانه : (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى * عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى) (٢) وكقوله في حقّ الجنّة : (أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) (٣) ، و (أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ) (٤) ، و (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ) (٥) وفي حق النار : (أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) (٦) و (بُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ) (٧). وحملها على التعبير عن المستقبل بلفظ الماضي مبالغة في تحققه ، مثل : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) (٨) و (وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ) (٩) ، يحتاج إلى دليل (١٠).
وهذا الاستدلال أمتن من سابقه ، ومع ذلك فالاعتقاد بكونهما مخلوقتين الآن يتوقف على كون دلالتهما على المقصود قطعية ، وهو غير حاصل ، لما عرفت من الاحتمال الآخر(١١).
نعم ، بعض هذه الآيات لا يحتمل إلا المعنى الأول ، مثل قوله : (عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى) ، إذ لم ير التعبير عن الشيء الذي سيتحقق غدا ، بالجملة الاسمية.
__________________
(١) سورة غافر : الآية ٤٦.
(٢) سورة النجم : الآيات ١٣ ـ ١٥.
(٣) سورة آل عمران : الآية ١٣٣.
(٤) سورة الحديد : الآية ٢١.
(٥) سورة الشعراء : الآية ٩٠.
(٦) سورة آل عمران : الآية ١٣١.
(٧) سورة الشعراء : الآية ٩١.
(٨) سورة الكهف : الآية ٩٩.
(٩) سورة الأعراف : الآية ٤٤.
(١٠) شرح المقاصد ، ج ٢ ، ص ٢١٨ و ٢١٩.
(١١) وقد اعتمد على هذا الاحتمال السيد الرضى في حقائق التأويل ص ٢٤٧ ، وقال : إنّ التعبير بالفعل الماضي ، لصحته وتحقق وقوعه ، وكأنه قد كان ، فعبّر عنه بعبارة الكائن الواقع.