التقية المحرّمة
إن التقية تنقسم حسب الأحكام الخمسة ، فكما أنّها تجب لحفظ النفوس والأعراض والأموال ، ربما تحرم إذا ترتب عليها مفسدة أعظم ، كهدم الدين وخفاء الحقيقة عن الأجبال الآتية ، وتسلط الأعداء على شئون المسلمين وحرماتهم ومعابدهم. ولأجل ذلك نرى أنّ كثيرا من عظماء الشيعة وأكابرهم رفضوا التقية في بعض الأحايين وتهيؤا للشّنق على حبال الجور ، والصلب على أخشاب الظلم. وكلّ ممن استعمل التقية ورفضها ، له الحسنى ، وكلّ عمل بوظيفته التي عينتها ظروفه.
إنّ التاريخ يحكي لنا عن الكثير من رجالات الشيعة الذين سحقوا التقية تحت أقدامهم ، وقدّموا هياكلهم المقدسة قرابين للحق ، منهم شهداء مرج عذراء ، وقائدهم الصحابي العظيم الذي أنهكته العبادة والورع ، حجر بن عدي الكندي ، الذي كان من قادة الجيوش الإسلامية الفاتحة للشام.
ومنهم ميثم التمار ، ورشيد الهجري ، وعبد الله بن يقطر ، الذين شنقهم ابن زياد في كناسة الكوفة ، هؤلاء والمئات من أمثالهم هانت عليهم نفوسهم العزيزة في سبيل الحق ، ونطحوا صخرة الباطل ، وما عرفوا أين زرعت التقية وأين واديها ، بل وجدوا العمل بها حراما ، ولو سكتوا وعملوا بالتقية ، لضاعت التقية من الدين ، وأصبح دين الإسلام دين معاوية ويزيد ، وزياد وابن زياد ، دين المكر ، ودين الغدر ، ودين النفاق ، ودين الخداع ، دين كل رذيلة ، وأين هو من دين الإسلام الحق ، الذي هو دين كل فضيلة ، أولئك هم أضاحي الإسلام وقرابين الحق.
وفوق أولئك ، إمام الشيعة ، أبو الشهداء الحسين وأصحابه الذي هم سادة الشهداء ، وقادة أهل الإباء.
خزاية التاريخ
كيف لا يتّقي شيعة عليّ في أيام حكومة الأمويين ، وهذا معاوية كتب إلى