٢ ـ إنّ استخلاف عثمان تمّ عن طريق شورى عين أعضاءها عمر بن الخطاب ، يقول التاريخ : دعا عمر عليّا ، وعثمان وسعدا ، وعبد الرحمن ، والزبير ، وطلحة ، فقال : «إنّي نظرت فوجدتكم رؤساء الناس ، فانهضوا إلى حجرة عائشة بإذنها ، واختاروا منكم رجلا ، فإذا متّ فتشاوروا ثلاثة أيام ، وليصلب الناس صهيبا ، ولا يأتي اليوم الرابع إلّا وعليكم أمير» (١).
فلو كانت صيغة الحكومة هي انتخاب القائد عن طريق المشورة باجتماع الأمّة ، أو بالبيعة ، فما معنى انتخاب الخليفتين بهذين الطريقين؟.
٣ ـ لما اغتيل عمر بن الخطاب. وأحسّ بالموت ، أرسل ابنه عبد الله إلى عائشة ، واستأذن منها أن يدفن في بيتها مع رسول الله ومع أبي بكر ، فأتاها عبد الله ، فأعلمها ، فقالت : نعم ، وكرامة. ثم قالت : يا بني ، أبلغ عمر سلامي وقل له ، لا تدع أمّة محمد بلا راع ، استخلف عليهم ، ولا تدعهم بعدك هملا ، فإنّي أخشى عليهم الفتنة ، فأتاه ، فأعلمه» (٢).
٤ ـ إنّ عبد الله بن عمر دخل على أبيه قبيل وفاته ، فقال : «إنّي سمعت الناس يقولون مقالة ، فآليت أن أقولها لك ، وزعموا أنّك غير مستخلف ، وأنّه لو كان لك راعي إبل أو غنم ثم جاءك وتركها ، لرأيت أن قد ضيّع ، فرعاية الناس أشد» (٣).
٥ ـ قدم معاوية المدينة لأخذ البيعة من أهلها لابنه يزيد ، فاجتمع مع عدّة من الصحابة ، وأرسل إلى عبد الله بن عمر ، فأتاه ، وخلا به ، وكلّمه بكلام ، وقال : إنّي كرهت أن أدع أمّة محمد بعدي كالضأن لا راعي لها» (٤).
هذه النصوص التي حفظها التاريخ ، صدفة ـ وكم لها من نظائر ـ تدلّ على أنّ انتخاب الخليفة عن طريق أهل الحلّ والعقد ، والأنصار والمهاجرين ، وأخيرا
__________________
(١) الكامل لابن الأثير ، ج ٣ ، ص ٣٥ ، أنظر باقي الواقعة.
(٢) الإمامة والسياسة ، ج ١ ، ص ٣٢.
(٣) حلية الأولياء ، ج ١ ، ص ٤٤.
(٤) الإمامة والسياسة ، ج ١ ، ص ١٦٨.