من جعله أحد المعاني ، وهؤلاء أئمة العربية ، عرفوا أنّ هذا المعنى من معاني اللفظ اللغوية ، ولولاه لما صحّ لهم تفسيره به ، يقول الخازن : «هي مولاكم ، أي وليّكم ، وقيل أولى بكم ، لما أسلفتم من الذنوب ، والمعنى : هي التي تلي عليكم ، لأنّها ملكت أمركم وأسلمتم إليها ، فهي أولى بكم من كل شيء» (١). وقد نقل كون المولى بمعنى الأولى ، الرازي في تفسيره عن الكلبي النسّابة (م ١٤٦) والفرّاء (م ٢٠٧) (٢) وأبو عبيدة معمّر بن المثنى البصري (م ٢١٠) ، والأخفش الأوسط (م ٢١٨) (٣) ، ونهاية العقول (٤).
واستشهد أبو عبيدة ببيت لبيد :
فقدت كلا الفرجين تحسب أنّه |
|
مولى المخافة خلفها وأمامها |
حتى أنّ البخاري ، صاحب الصحيح ، في قسم التفسير منه ، فسّره ب «أولى»(٥).
نعم هنا شبهة ذكرها الرازي في تفسيره ، حسب أنّها تصادم دلالة الحديث على الولاية الكبرى للإمام عليّ عليهالسلام ، فقال في تفسير قوله سبحانه : (هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) : «لو كان مولى وأولى بمعنى واحد في اللغة ، لصحّ استعمال كلّ واحد منهما في مكان الآخر ، فيجب أن يقال : هذا مولى من فلان ، ولمّا بطل ذلك ، علمنا أنّ الذي قالوه معنى ، وليس بتفسير».
وقال في نهاية العقول : «لو كان المولى يجيء بمعنى الأولى ، لصحّ أن يقرن بأحدهما ، كلّما يصحّ قرنه بالآخر ، لكنه ليس كذلك ، فامتنع كون المولى بمعنى الأولى ، مع أنّه لا يقال : هو مولى من فلان ، ولا يصحّ أن يقال : «هو أولى» بدون من».
__________________
(١) تفسير الخازن ، نقلا عن الغدير ، ج ١ ، ص ٣٤١.
(٢) معاني القرآن ، للفراء ، ج ٣ ، ص ١٣٤.
(٣) لاحظ جميع ذلك في تفسير الرازي ، ج ٨ ، ص ٩٣.
(٤) نهاية العقول ، للرازي ، أيضا.
(٥) صحيح البخاري ، ج ٧ ، ص ٢٤٠.