درهم غير جيد ، ولا يصحّ أن يقال : عندي درهم إلّا جيد ، كما هو السائد في كلمة «هل» و «همزة الاستفهام» ، فإنّهما بمعنى واحد ، ولكن يفترقان بفروق ثلاثة ، أو خمسة ، أو ستة.
ولما كان الإشكال ضئيلا ، قال النيسابوري ، في تفسيره ـ بعد نقل كلام الرازي ، إلى قوله : وحينئذ يسقط الاستدلال به ـ : «قلت : وفي هذا الإسقاط بحث لا يخفى»(١).
ولما وقف التفتازاني على تمامية دلالة الحديث على الإمامة ، حاول رمي الحديث بعدم التواتر ، قال ـ في دلالة الحديث ـ : ««المولى» قد يراد به المعتق ، والمعتق ، والحليف ، والجار ، وابن العم ، والناصر ، والأولى بالتصرف ، قال الله تعالى : (مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ) ، أي أولى بكم ، ذكره أبو عبيدة ، وقال النبي : «أيّما امرأة أنكحت نفسها بغير إذن مولاها» ، أي الأولى بها ، والمالك لتدبير أمرها ، ومثله في الشعر كثير. وبالجملة استعمال المولى بمعنى المتولي ، والمالك للأمر ، والأولى بالتصرف ، شائع في كلام العرب ، منقول عن كثير من أئمة اللغة ، والمراد أنّه اسم لهذا المعنى ، لا صفة بمنزلة الأولى ليعترض بأنّه ليس من صيغة اسم التفضيل ، وأنّه لا يستعمل استعماله ، وينبغي أن يكون المراد به في الحديث هو هذا المعنى ، ليطابق صدر الحديث ، ولأنّه لا وجه للخمسة الأول ، وهو ظاهر ، ولا للسادس لظهوره ، وعدم احتياجه إلى البيان وجمع الناس لأجله». إلى أن قال : «ولا خفاء في أنّ الولاية بالناس ، والتولّي ، والمالكية لتدبير أمرهم ، والتصرّف فيهم ، بمنزلة النبي ، وهو معنى الإمامة» (٢).
هذا من غير فرق بين تفسير مفعل ب أفعل ، أي المولى بمعنى أولى ، أو تفسيره بفعيل ، أي الولي ، وقد نصّ على ذلك أئمة العربية منهم الفراء في تفسيره ، وأبو العباس المبرّد ، قالا : «الولي والمولى ، بمعنى في لغة العرب واحد» (٣).
__________________
(١) تفسير النيسابوري ، تفسير سورة الحديد.
(٢) شرح المقاصد ، ج ٢ ، ص ٢٩٠.
(٣) لاحظ معاني القرآن للفراء ، ج ٣ ، ص ١٢٤ ، والغدير ج ١ ، ص ٣٦١.