والمعتق ، والعبد ، والمالك ، والتابع ، والمنعم عليه ، والشّريك ، والحليف ، وهو واضح لمن تدبر فيه.
وأمّا الصاحب ، والجار ، والنزيل ، والصّهر ، والقريب ، فلا يمكن إرادة شيء من هذه المعاني ، لسخافته ، لا سيما في هذا المحتشد الرهيب ، وفي أثناء المسير ، ورمضاء الهجير ، وقد أمر صلىاللهعليهوآله بحبس المتقدم في السير ، ومنع التالي منه ، في محلّ ليس صالحا للنزول ، غير أنّ الوحي الإلهي ، حبسه هناك ، فيكون صلىاللهعليهوآله قد عقد هذا المحتفل ، والناس قد أنهكتهم وعثاء السفر ، وحرّ الهجير ، وحراجة الموقف ، حتى أنّ أحدهم ليضع طرفا من ردائه تحت قدميه ، وطرفا فوق رأسه ، فيرقى هنالك منبر الأهداج ، ويعلمهم عن الله تعالى بأنّه من كان هو صلىاللهعليهوآله مصاحبا أو جارا أو نزيلا عنده ، أو صهرا أو قريبا له ، فعليّ كذلك!!.
وأمّا المنعم ، فلا ملازمة بين أن يكون كلّ من أنعم عليه رسول الله صلىاللهعليهوآله فعليّ منعم عليه.
وأمّا الناصر والمحب ، فسواء كان كلامه صلىاللهعليهوآله ، إخبارا أو إنشاء ، فاحتمالان ساقطان ، إذ ليسا بأمر مجهول عندهم ، لم يسبقه التبليغ حتى يأمر به في تلك الساعة ، ويحبس له الجماهير ، ويعقد له ذلك المنتدى الرهيب ، في موقف حرج ، لا قرار فيه.
فلم يبق من المعاني إلّا الولي ، والأولى به ، والمراد منه المتصرف في الأمر ومتوليه. ذكر الرازي في تفسير قوله تعالى : (وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَوْلاكُمْ) (١) ، قال : قال القفال : «هو مولاكم ، سيّدكم والمتصرّف فيكم» (٢).
فتعين أنّ المراد بالمولى : المتصرّف ، الذي قيّضه الله سبحانه لان يتّبع ، ويكون إماما ، فيهدي البشر إلى سنن النجاة ، فهو أولى من غيره بأنحاء التصرف
__________________
(١) سورة الحج : الآية ٧٨.
(٢) تفسير الرازي ، ج ٦ ، ص ٢١.