في المجتمع الإنساني ، فليس هو إلا نبي مبعوث أو إمام مفترض الطاعة منصوص به من قبله تعالى ، بأمر إلهي ، لا يبارحه في أقواله وأفعاله : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) (١).
وأمّا القرائن المقالية : فمتعددة تثبت أيضا أنّ المولى بمعنى الأولى بالشيء أو بمعنى الولي ، إذا تنازلنا إلى أنّه أحد معانيه ، وأنّه من المشترك اللفظي ، وأمّا على القول بأنّه ليس للمولى إلّا معنى واحد ، كما أوضحناه ، فلا حاجة لذكر القرائن إلّا تأكيدا.
القرينة الأولى : صدر الحديث ، وهو قوله صلىاللهعليهوآله : «ألست أولى بكم من أنفسكم» ، أو ما يؤدّي مؤدّاه من ألفاظ متقاربة ، ثم فرّع على ذلك قوله : «فمن كنت مولاه فعليّ مولاه». وقد روى هذا الصدر من حفاظ أهل السنّة ، ما يربو على أربع وستين عالما(٢).
فإنّ هذا الصدر يعيّن أنّ المراد من المولى هو الأولى ، ولا وجه للتفكيك المخل.
القرينة الثانية : ذيل الحديث ، وهو قوله صلىاللهعليهوآله : «اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه» ، وفي جملة من طرق الحديث قوله : وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، أو ما يؤدّي مؤدّاه ، فلو أريد منه غير الأولى بالتصرف ، فما معنى هذا التطويل ، فإنّه لا يلتئم ذكر هذا الدعاء إلّا بتنصيب علي مقاما شامخا ، يؤهله لهذا الدعاء.
القرينة الثالثة : أخذ الشهادة من الناس ، حيث قال صلىاللهعليهوآله : «ألستم تشهدون أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمدا عبده ورسوله ، وأنّ حجته حقّ الخ». فإنّ وقوع قوله : «من كنت مولاه» ، في سياق الشهادة بالتوحيد والرسالة ، يحقق كون المراد ، الإمامة ، الملازمة للأولوية على الناس.
__________________
(١) سورة النجم : الآيتان ٣ و ٤.
(٢) لاحظ نقولهم ، في كتاب الغدير ، ج ١ ، موزعين حسب قرونهم.