الثالث : ما المانع أن يكون المفيد هو نفس الخبر مشروطا بالوضع لا أن الوضع هو المفيد للعلم.
وعلى هذا فلا يكون ما ذكروه متجها.
قولهم : شرط التواتر أن يكون الخبر غير محسوس ، والغلط غير ممتنع فى المحسوسات.
قلنا : عقلا ، أو عادة. الأول : مسلم. والثانى : ممنوع.
ولا يلزم من الاحتمال العقلى امتناع القطع العادى كما سبق تحقيقه مرارا. ونحن فى هذا المقام إنّما ندّعى العلم العادى دون غيره.
كيف وأن ما ذكروه أيضا تشكيك فى العلوم الضرورية ؛ فلا يقبل.
قولهم : إنما يكون مفيدا للعلم أن لو لم يحملوا عليه بالسيف.
قلنا : هذا (١) الاحتمال (١) وإن كان ممكنا عقلا ؛ فهو غير قادح مع وجود ما نعلمه من العلم الضرورى باخبار التواتر.
قولهم : إنّما يكون التّواتر مفيدا للعلم أن لو كان المخبرون لا يحصرهم عدد ، ولا يحويهم بلد ، وليس كذلك. فإن أهل بلد من البلاد لو أخبروا عن واقعة وقعت بهم ، ونائبة حلت فيهم ؛ فإن العلم الضرورى يحصل لنا بذلك. وإن حواهم بلد ، وكان عددهم محصورا.
قولهم : شرط ذلك أن تختلف أنساب المخبرين ، وأوطانهم ، وأديانهم ليس كذلك أيضا ، فإنه إما أن يبلغ عدد المخبرين إلى حد يمتنع معه تواطؤهم علي الكذب عادة ، أو لا يكون كذلك.
فإن كان الأول : فلا أثر لهذه الشروط.
وان كان الثانى : فالعلم غير حاصل بخبرهم. سواء وجدت هذه الشروط ، أو لم توجد.
__________________
(١) ساقط من ب.