قولهم : شرط ذلك أن يكونوا صلحاء مؤمنين ؛ ليس كذلك أيضا. فإن أهل قسطنطينية لو أخبروا بموت ملكهم حصل العلم الضرورى بذلك وإن كانوا كفره ؛ بل ولو أخبر بذلك العدد الكثير الّذي يمتنع معه التواطؤ على الكذب عادة ؛ لحصل العلم بذلك ، وإن لم يكونوا معترفين بوجود الإله ـ تعالى ـ وبهذا يبطل قولهم : شرطه أن يكون فيهم الإمام المعصوم.
قولهم : إنما يكون مفيدا للعلم إذا استوى طرفاه ، ووسطه.
قلنا : إذا / ضبطنا الخبر المتواتر بما يحصل منه العلم فمهما حصل العلم بالخبر علمنا ضرورة تحقق التواتر ، وجميع شروطه. وإنما يلزم الإشكال أن لو استدللنا على حصول العلم من التواتر ، بصحة التواتر وبيان شروطه وليس كذلك ؛ بل إنما يستدل على صحة التواتر ، بحصول العلم به ، وعلى هذا فالعلم بوجود رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم. وادعائه للرسالة ؛ حاصل بالضرورة على ما حققناه من أخبار الجمع الكثير ؛ فكان متواترا ، ولزم القول بوجود جميع شروطه.
وعلى هذا يخرج الجواب أيضا عما أوردوه من أخبار اليهود (١) ، والنصارى (٢) ، والشيعة (٣) حيث أنا لم نستدل [بكثرة العدد] (٤) على حصول العلم منه ؛ بل بالعكس.
قولكم : التواتر إما أن يفيد العلم ضرورة ، أو نظرا.
قلنا : بل ضرورة ومن قال بكونه نظريا ؛ فهو مخصوم بما سبق فى إبطاله.
قولهم : لو كان ضروريا لما خالفناكم فيه :
قلنا : المخالفة إما فى أصل العلم ، أو فى كونه ضروريا. لا سبيل إلى الأول ؛ إذ هو خلاف ما يجده كل عاقل من نفسه من العلم بوجود مكة ، وبغداد.
وإن كان الثانى : وهو تسليم العلم والمنازعة فى كونه ضروريا ؛ فقد سلموا ما هو المقصود ، وهو كون التواتر مفيدا للعلم ؛ إذ المقصود ليس إلا إثبات نفس العلم ، لا أنه بجهة الضرورة.
__________________
(١) اليهود : راجع ما سبق فى الجزء الأول فى هامش ل ١٥٠ / أ.
(٢) النصارى : راجع ما سبق فى الجزء الأول فى هامش ل ١٥٥ / أ.
(٣) الشيعة : راجع عنهم ما سبق فى الجزء الأول فى هامش ل ٥٤ / أ.
(٤) ساقط من (أ).